أقلام

دواعي إعطاء الحليب الصناعي للطفل الرضيع

د. حجي الزويد

توجد كثير من المعلومات الخاطئة حول دوافع استخدام الحليب الصناعي للأطفال الرضع، حيث يستخدم بإفراط دون وجود مسوغ لذلك. سأضع أحد الشواهد، هذا السؤال الذي وردني على الخاص من إحدى الأمهات:

كثيرًا ما أسمع أن الطفل لا يحصل على كفايته من الفيتامينات، وقد يُصاب بنقص الحديد إذا كان معتمدًا على الرضاعة الطبيعية فقط، لذلك يُقال إنه يجب دعم الرضاعة الطبيعية بالحليب الصناعي. فهل هذا صحيح؟

وكان جوابي مفصلًا كالتالي:

إن الرضاعة الطبيعية وحدها كافية تمامًا لتغذية الطفل في الستة الأشهر الأولى  — ولكن بشرطين مهمين جدًا:

الشرط الأول: أن يكون الطفل بصحة جيدة وازداد وزنه طبيعيًا، ويمكن قياس ذلك خلال ما يلي:

أولًا: مؤشرات تناول الطفل لحليب كافٍ أثناء الرضاعة:

1. الطفل يرضع بانتظام:

عد الرضعات تختلف باختلاف عمر الطفل، تكون أكثر في الأشهر الأولى، وتقل بعد ذلك، وتقل بعد إدخال الأغذية الأخرى في الشهر السابع، ويقل عددها بعد السنة الأولى.

ثانيًا: مؤشرات الإخراج الجيد:

1. البول:

• بعد اليوم الخامس من العمر، لا يقل عن 6 حفاضات مبللة يوميًا.

• البول يجب أن يكون فاتح اللون وعديم الرائحة (ليس أصفر غامق أو مركز).

2. البراز:

• في أول الأسابيع: يكون البراز أصفر فاتحًا، رخوًا، ويخرج 3–4 مرات يوميًا.

• بعد الشهر الثاني، قد يقل التبرز إلى مرة كل يومين أو ثلاثة، وهذا طبيعي طالما البراز لين والطفل مرتاح.

ثالثًا: مؤشرات النمو والوزن:

1.زيادة الوزن هي المعيار الذهبي:

•في أول 3 أشهر: معدل الزيادة الطبيعي حوالي 150–250 غرام أسبوعيًا.

• يعود الطفل إلى وزنه عند الولادة بعمر أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

• بعد ذلك، يستمر بالزيادة بشكل ثابت حسب مخطط النمو.

2. المظهر العام:

• الجلد ممتلئ ومرن، وعدم وجود علامات جفاف (العيون غائرة، الفم جاف، قلة الدموع).

رابعًا: السلوك العام للرضيع:

• ينام فترات مناسبة بعد الرضاعة.

• يقظ ونشيط عندما يستيقظ.

• يمصّ بنشاط أثناء الرضعة ولا يبدو متعبًا أو ضعيفًا.

لذا، فحليب الأم وحده يكفيه تمامًا ولا يحتاج أي دعم بالحليب الصناعي لستة أشهر كاملة. بعد الستة الأشهر، حليب الأم مع الأغذية الأخرى التي يتم إدخالها بعد دخول الطفل سبعة أشهر يعد كافٍ لتغذية الطفل الرضيع، ولا توجد حاجة للحليب الصناعي أيضًا بعد الستة الأشهر من عمر الطفل.

الشرط الثاني: تعويض بعض الفيتامينات التي لا تتوافر بكمية كافية في الحليب

وهنا مصدر اللبس عند كثير من الناس، حيث يعتقد أن هناك نقص في حليب الأم ينبغي تعويضه بإدخال الحليب الصناعي، وهذا خطأ كبير جدا.

نود الإشارة إلى عنصرين هامين: فيتامين د، والحديد.

1. فيتامين (D):

حليب الأم يحتوي على كمية قليلة من فيتامين D، و توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بإعطاء 400 وحدة دولية يوميًا لكل طفل يرضع طبيعيًا منذ عمر الأسبوع الأول بعد الولادة، يُعطى كقطرات بالفم.

2. الحديد (Iron):

حليب الأم يحتوي على كمية قليلة من الحديد، ولكن امتصاصه ممتاز وأفضل من امتصاص الحديد في الحليب الصناعي. مخزون الحديد في جسم الطفل يكفي عادة من الحمل حتى عمر 4–6 أشهر، بعد ذلك يبدأ المخزون بالنفاد، لذا يُوصى بـ:

• إدخال الأطعمة الغنية بالحديد مثل صفار البيض، العدس، الخضروات الورقية، واللحوم المهروسة بعد الشهر السادس، أي عند دخول الطفل الشهر السابع.

• أو إعطاء قطرات الحديد استنادًا لتوجيهات الأكاديمية الأمريكية فطب الأطفال ببدء الوقاية من فقر الدم بعوز الحديد ١ ملغ لكل كيلوغرام من وزن الطفل يوميًا (1 mg/kg/day) على شكل قطرات فموية (iron drops)، ويستمر عليه حتى إدخال الأطعمة الصلبة الغنية بالحديد.

مثال:

إذا كان وزن الطفل 7 كغ،  يُعطى 7 ملغ حديد يوميًا، ويستمر عليه حتى يبدأ الطفل بالأطعمة الغنية بالحديد (مثل الحبوب أو اللحوم المهروسة) عند دخوله الشهر السابع.

والخلاصة:

لا يحتاج الطفل إلى الحليب الصناعي من أجل الحديد أو الفيتامينات، بل فقط لهذه المكملات الصغيرة التي تُعطى بالفم.

متى يُفكّر في دعم الرضاعة بالحليب الصناعي؟

دواعي استخدام الحليب الصناعي عند الرضع ترتبط عادةً بظروف صحية أو اجتماعية تمنع أو تقلل من إمكانية الرضاعة الطبيعية.

يمكنني تلخيص أسباب استخدام الحليب الصناعي إلى عاملين رئيسين:

١. دواعي متعلقة بالأم:

• أمراض مزمنة أو معدية خطيرة، حيث قد تنتقل العدوى عبر الرضاعة.

•تناول الأم أدوية ضارة: كالعلاج الكيماوي أو بعض الأدوية المثبطة للمناعة أو أدوية لا يسمح بها أثناء الرضاعة.

•قلة أو انقطاع إدرار الحليب: رغم المحاولات الطبية والدعم.

•إجراء جراحة كبيرة أو حالة صحية حرجة: تمنع الأم من إرضاع طفلها مباشرة.

• وفاة الأم أو غيابها التام.

•تبني الطفل من قِبَل أسرة لا تستطيع الإرضاع الطبيعي.

٢. دواعي متعلقة بالطفل:

•أمراض استقلابية خاصة: مثل مرض “الجلاكتوزيميا” حيث يُمنع الطفل من تناول حليب الأم والحليب البقري.

•عدم تحمل اللاكتوز.

•ضعف أو صعوبة في المص أو البلع (في بعض الحالات العصبية أو التشوهات الفموية).

• التغذية التكميلية:

• عدم زيادة وزن الطفل رغم الرضاعة المنتظمة. عند وجود نقص وزن واضح أو عدم كفاية حليب الأم رغم المحاولات، فيُستخدم الصناعي كمكمل وليس بديلاً كاملًا.

• ولادة توأم أو أكثر: أحيانًا تضطر الأم للاستعانة بالرضاعة الصناعية إذا لم يكفِ حليبها لجميع الأطفال.

•حساسية نادرة ضد بروتين حليب الأم (وهي نادرة جدًا).

في هذه الحالات، يقرّر الطبيب المختص نوع وكمية الحليب الصناعي المناسبة.

والخلاصة:

مجال استخدام الحليب الصناعي للطفل الرضيع ضيق جدا، و ينبغي اللجوء إليه فقط في حالات الضرورة القصوى استنادا إلى الدواعي المذكورة بالأعلى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى