لقاءات صحفية

نجلاء الردادي.. أربعة أعوام في قائمة الـ2% من علماء العالم الأكثر تأثيرًا

دلال الطريفي : الأحساء

تواصل العالمة السعودية البروفيسورة نجلاء بنت سعد الردادي، أستاذ النانو والكيمياء غير العضوية بجامعة طيبة، تأكيد حضورها العلمي المرموق عالميًا، بعد إدراج اسمها للعام الرابع على التوالي ضمن قائمة أكثر العلماء تأثيرًا على مستوى العالم الصادرة عن جامعة ستانفورد الأمريكية.

إنجاز يعكس ريادة المرأة السعودية في ميادين البحث والابتكار، ويجسد الدعم غير المحدود الذي توليه رؤية السعودية 2030 لتطوير البحث العلمي وتمكين الكفاءات الوطنية.

في هذا الحوار، تتحدث البروفيسورة الردادي عن رحلتها البحثية، والتحديات التي واجهتها، وأسرار استمراريتها في التفوق العلمي، كما تسلط الضوء على أبحاثها المبتكرة في تقنية النانو، ودور المملكة في بناء بيئة محفزة للإبداع والتميز العلمي عالميًا.

1. بدايةً.. كيف استقبلتِ خبر إدراج اسمكِ للعام الرابع على ازلتوالي ضمن قائمة الـ2% من العلماء الأكثر تأثيرًا على مستوى العالم؟

كان شعورًا عظيمًا ممزوجًا بالفخر والامتنان. وإدراج اسمي ضمن هذه القائمة المرموقة للعام الرابع على التوالي دافع كبير للاستمرار والعطاء، كما أنه تأكيد على أن الجهد والوقت الذي أُبذله في مسيرتي البحثية يلقى صدى وتأثيرًا حقيقيًا على مستوى العالم العلمي.

2. . ماذا يُمثل لكِ هذا الإنجاز العلمي على الصعيدين الشخصي والأكاديمي؟

على الصعيد الشخصي، يُمثل هذا الإنجاز تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الدؤوب والبحث المستمر، ويعكس رسالة مفادها أن الطموح لا حدود له. أما أكاديميًا، فهو وسام فخر يعزز من مكانة الجامعة والمملكة في المحافل البحثية العالمية، ويؤكد أن المملكة العربية السعودية لديها كفاءات قادرة على المنافسة في أرفع التصنيفات الدولية.

3. في رأيك، ما الذي يُميز هذا التصنيف الصادر عن جامعة ستانفورد ويجعله محط أنظار العلماء والباحثين حول العالم؟

يتميز تصنيف جامعة ستانفورد بالدقة والموضوعية العالية، فهو يعتمد على معايير كمية دقيقة مثل عدد الاستشهادات، ومعدل التأثير العلمي، وجودة المنشورات، ومجالات التأثير البحثي. هذه المعايير تجعل إدراج أي اسم ضمن القائمة شهادة موثوقة على تأثيره الفعلي في تقدم المعرفة العلمية.

4. نود أن تعودي بنا قليلًا إلى بداياتك الأكاديمية.. ما أبرز المحطات التي كان لها الأثر الأكبر في مسيرتك البحثية؟

من أبرز المحطات كانت مرحلة ما بعد الدكتوراة، حيث بدأت رحلتي مع البحث العلمي والحصول على الترقية إلى درجة أستاذ في الوقت المناسب، دون استعجال، حيث اعتمدت على نفسي في البحث العلمي والنشر، وقد تحقق هذا التميز بفضل توفيق الله، ثم بتحديد الأهداف، وترتيب الأولويات، وإدارة الوقت بفعالية.

بعد حصولي على الدكتوراة، كانت أولويتي الأولى لعائلتي وأبنائي، لأنهم في مرحلة تأسيس، وبعد مرور ست سنوات تمكنت من دمج هذه المسؤولية مع متابعة البحث العلمي، وتحقيق التميز الأكاديمي.

هذه التجربة علمتني أهمية التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، والقدرة على التخطيط طويل المدى للوصول إلى الإنجازات المرجوة، ثم جاءت فرص التعاون الدولي والنشر في مجلات ذات معامل تأثير عالٍ، والتي فتحت لي آفاقًا أوسع للتفاعل مع علماء من مختلف أنحاء العالم، كذلك كانت مشاركاتي في مؤتمرات عالمية نقطة تحوّل مهمة في بناء شبكة علمية قوية وتعزيز خبرتي البحثية.

5. هل كانت هناك تحديات واجهتكِ في مشوارك العلمي، وكيف تمكنتِ من تجاوزها؟

بالتأكيد، لا تخلو أي رحلة نجاح من التحديات.

من أبرز ما واجهته كان إدارة الوقت بين المسؤوليات الأكاديمية والبحثية والأسرية، إضافة إلى التحديات المتعلقة بالجوانب العلمية واللوجستية والدعم المادي، وغالبًا ما كانت هذه العقبات تُحلّ بمجرد البحث عن بدائل مناسبة وتبني حلول مرنة.

كما أن طبيعة المشاريع البحثية تتطلب متابعة دقيقة وجهدًا مستمرًا، إلا أنني بالإصرار وتنظيم الأولويات استطعت تحويل تلك التحديات إلى فرص حقيقية للنمو والتطور، فكانت محفزًا لتطوير مهاراتي في حل المشكلات والابتكار، وأسهمت في تحقيق نتائج علمية مُتميزة وإسهامات بحثية قيّمة في مجالي.

6. ما العوامل أو القيم التي ساعدتكِ في تحقيق الاستمرارية والتفوق العلمي؟

من أبرز العوامل التي ساعدتني على تحقيق الاستمرارية والتفوق العلمي كان إيماني العميق برسالتي كباحثة، وحرصي الدائم على المثابرة والانضباط والتعلم المستمر. كما أن شغفي بالبحث العلمي ورغبتي في استكشاف المواد وفهم خصائصها وتطبيقاتها العملية شكلًا دافعًا قويًا منذ بداياتي الأكاديمية.

لقد جذبني هذا المجال لما يتيحه من فرص واسعة للابتكار في تصميم الجزيئات والمواد النانوية، وما يوفره من إمكانية تطوير حلول جديدة تخدم المجتمع والصناعة. وقد جاء اختياري لهذا الاختصاص إيمانًا مني بأهمية دمج البحث العلمي بالتطبيقات العملية لإحداث أثر حقيقي وملموس.

ولا أنسى أن دعم الوطن وقيادته للبحث العلمي والابتكار في إطار رؤية المملكة 2030 كان له أثر كبير في تعزيز طموحي واستمراري في هذا المسار العلمي.

7. ما أبرز مجالات أبحاثكِ التي أسهمت في هذا التميز والاعتراف العالمي؟

تركز أبحاثي على مجالات النانوتكنولوجيا وتطبيقاتها في الطب والبيئة والطاقة، إضافة إلى تطوير مواد ذكية وحلول مبتكرة لمشكلات حيوية. هذه المجالات المتقدمة تحظى باهتمام عالمي واسع نظرًا لتأثيرها المباشر على جودة الحياة والتنمية المستدامة.

8. كيف ترين انعكاس أبحاثكِ على خدمة المجتمع محليًا وعالميًا؟

الأبحاث والدراسات التي تتضمن تحضير المتراكبات الكيميائية، وتوصيفها وتطبيقاتها البيولوجية، تصنيع جسيمات نانونية من المعادن النبيلة كالذهب من المستخلصات النباتية وتوصيف تلك الجسيمات النانونية، ودراسة خصائصها البصرية، وتطبيقاتها البيولوجية العلاجية كمضادات أكسدة وأيضًا مضادات للالتهابات، والسكري، والزهايمر، وشيخوخة الجلد والفطريات والبكتريا.

ومن أبرز الدراسات التي ساعدت في تميزي عالميًا تلك التي تركزت على استخدام تقنية النانو في التطبيقات الحيوية الطبية، مثل تطوير مواد نانوية تستخدم في علاج بعض الأمراض، وتحسين فعالية توصيل الدواء، كذلك أبحاثي في مجال التطبيقات البيئية للنانو، خصوصًا فما يتعلق بتنقية المياه ومكافحة التلوث البيئي، كان لها أثر واسع من حيث الاستشهادات العلمية والاهتمام العالمي.

هذه الأبحاث لم تكن مجرد أوراق علمية، بل كانت تحمل قيمة تطبيقية حقيقية، وهذا ما جعلها مُــؤثرة ومُعترف بها عالميًا.

9- دور المملكة اليوم واضح في دعم الابتكار … كيف تشوفين مستقبل هذا الدعم خلال السنوات المقبلة؟

رؤية السعودية 2030 وضعت البحث العلمي والابتكار كأحد ركائز التنمية الوطنية. فهي لم تقتصر فقط على وضع أهداف إستراتيجية، بل وفرت الأدوات التي يحتاجها الباحثون، مثل التمويل، دعم المراكز البحثية، وتشجيع الشراكات مع الجامعات والمراكز العالمية.

كذلك، ساهمت الرؤية في خلق بيئة بحثية محفزة من خلال برامج الابتعاث، والمنح البحثية، والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص. هذا الدعم أسهم في رفع مستوى جودة الأبحاث السعودية وزيادة معدلات نشرها في مجلات عالمية مرموقة، وهناك المزيد من الإنجازات مع استمرار هذا الدعم.

10- كيف ترين انعكاس إنجازك العلمي الأخير على ظهور اسمك ضمن قائمة العلماء 2% أكثر تأثيرًا وتميزًا على مستوى العلماء لأربع سنوات على التوالي حسب تصنيف جامعة ستانفورد الأمريكية العريقة على صورة المرأة السعودية في المجال الأكاديمي عالميًا؟

هذا الإنجاز أعتبره ليس شخصيًا بل هو إنجاز لكل امرأة وباحثة سعودية.

فهو يعكس المكانة التي وصلت إليها المرأة في المملكة، بفضل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة ورؤية السعودية 2030 التي أعطت المرأة الفرصة لتثبت جدارتها في مختلف المجالات. ووجود باحثات سعوديات ضمن قائمة العلماء 2% الأكثر تأثيرًا وتميزا على الصعيد العالمي فهذا يرسل رسالة قوية بأن المرأة السعودية اليوم قادرة على المنافسة عالميًا، وعلى تقديم إسهامات علمية ذات قيمة وأثر في خدمة الإنسانية.

11.ما هي الأبحاث أو المشاريع القادمة التي تعملين عليها الآن؟ وما الاهداف مستقبلًا؟

أعمل على جودة ورصانة الأبحاث، وحداثة موضوعاتها وأهميتها من حيث تناولها موضوعات جديدة غير مكررة، وأهميتها في حل بعض المشاكل في الاختصاص مثل اكتشاف أدوية ذات فاعلية عالية، وآمنة ليس لها اثار جانبية، أيضا تطبيقات حيوية لبيئة آمنة ومستدامة.

كما أعمل حاليًا على عدة مشاريع بحثية مرتبطة بمجال النانو تكنولوجي. من بينها أبحاث لتطوير مواد نانوية جديدة يمكن استخدامها في المجال الطبي لتوصيل الدواء بشكل أكثر دقة وفعالية، وأيضًا مشاريع أخرى مرتبطة بالتطبيقات الحيوية لبيئة آمنة ومستدامة، مثل تنقية المياه وإيجاد حلول مبتكرة لمعالجة التلوث البيئي.

كما أنني أشارك مع مجموعة من الباحثين في مشاريع متعددة التخصصات تجمع بين العلوم الطبية والهندسية، بهدف الخروج بنتائج عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع. أطمح أن تكون هذه المشاريع إضافة نوعية للعلم وللمجتمع، وأن تحقق أثرًا عالميًا مثل الأبحاث السابقة.

12. ما رسالتكِ للباحثات الشابات اللاتي يطمحن للوصول إلى مثل هذه المراتب العلمية؟

رسالتي للباحثات الشابات هي أن طريق النجاح في البحث العلمي يتطلب الصبر والإرادة والعزيمة، إلى جانب القراءة المستمرة والممارسة العملية، فالعلم لا يُمنح وإنما يُكتسب بالجهد والتجربة والتعلم المستمر.

كما أن وضع أهداف واضحة والسعي لتحقيقها بخطوات ثابتة، وبناء علاقات علمية وتعاون مع باحثين متميزين، كلها عناصر تعزز فرص النجاح، والأهم من ذلك هو الإيمان بأن الإنجازات الكبيرة تبدأ بخطوة صغيرة يملؤها الشغف والإصرار.

13. كلمة أخيرة توجهينها للعلماء والباحثين الشباب، وللمجتمع بشكل عام حول قيمة البحث العلمي ودوره في صناعة المستقبل.

البحث العلمي ليس رفاهية، بل هو ضرورة لصناعة مستقبل أفضل. إنه المحرك الحقيقي للتنمية والتقدم، والاستثمار فيه هو استثمار في الإنسان والحياة.

وأقول للباحثين الشباب: أنتم صُنّاع الغد، فلا تتوقفوا عن الحلم ولا تخشوا الفشل، فكل تجربة تقرّبكم من النجاح.

وفي ختام هذا اللقاء المُلهم، تتقدّم صحيفة بشائر بجزيل الشكر والتقدير للبروفيسورة نجلاء بنت سعد الردادي على ما تفضّلت به من وقتها الثمين، وما قدّمته من تجربة ثرية ومُلهمة تعكس روح الباحثة السعودية الطموحة وإصرارها على الريادة العالمية.

تُثمن الصحيفة جهودها ومسيرتها المشرّفة في خدمة البحث العلمي، وتتمنى لها دوام التوفيق والتميّز، ومزيدًا من الإنجازات التي ترفع اسم الوطن عاليًا في ميادين المعرفة والابتكار.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى