أقلام

العالم الوردي

أنور أحمد

يطمح كثيرٌ من الشباب إلى حياةٍ مثاليةٍ خاليةٍ من المنغصات، تفيض بالنجاح والمال والصحة والعلاقات السعيدة. يتخيلون عالمًا ورديًا تزيّنه الأحلام غير المحدودة، وكأن الحياة يمكن أن تُمنَح دون جهدٍ أو تعب. غير أنّ الواقع يختلف كثيرًا عن هذا التصور الملوَّن.

فالحياة ليست طريقًا مفروشًا بالورود، بل ميدانًا من التحديات والتجارب. هناك من يدخلها دون مجاديفٍ تعينه على مواجهة أمواجها، فيغرق عند أول انتكاسة، لأنه لم يُعِدّ نفسه لاحتمال الخسارة، ولم يدرك أن السقوط جزءٌ من رحلة النهوض.

إنّ الطريق إلى النجاح مليءٌ بالعقبات، وقد تنزف القلوب وتتعثر الخطوات، ولكن القوة الحقيقية تظهر عندما نواصل المسير رغم الألم. فكل فجرٍ يسبقه ليل، وكل إنجازٍ يولد من رحم المعاناة. ومن هنا، علينا أن نزيح الستار عن العالم الوردي الذي تبنيه مخيلتنا، لأنه غالبًا ما يكون كقصرٍ على شاطئ البحر، سرعان ما تحطمه الأمواج وتبدده الرياح.

ولكي نواجه صعوبات الحياة بثبات، يجب أن نجمع بين التفكير الإيجابي والواقعية، فنضع أهدافًا ممكنة التحقيق، ونطلب الدعم من العائلة والأصدقاء، ونولي اهتمامًا كبيرًا بالصحة النفسية والجسدية. كما أن العمل الجاد، والتعلم المستمر، وتطوير الذات هي مفاتيح الاستمرار ومصادر القوة في مواجهة التحديات.

وترتبط نظرية التعلم بالمحاولة والخطأ بالعالم النفسي الأمريكي إدوارد ثورندايك، حيث ترى أن الإنسان والحيوان يكتسبان المهارات من خلال المحاولة والخطأ، أي من التجربة المباشرة وليس من التلقين.

فالحياة لا تمنح دروسها في قاعاتٍ مغلقة، بل في ساحات التجربة.

في المدرسة يُعلِّمونك الدرس ثم يختبرونك،

أما الحياة فتختبرك ثم تُعلِّمك الدرس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى