
مريم الرمضان
منذ وقتٍ لا أتذكّره بدقّة، كنتُ دائمًا شغوفةً بالتاريخ!
لا أقصد هنا العمق التاريخي ودراسته وتحليله، أنا شغوفةٌ بـ قصة الأشياء! أساس ظهورها…
أتتبّع أساس ظهور الكتابة وقصتها،
أتتبّع كيف تطوّرت قدرات الإنسان في الرّي مثلًا، ابتداءً من الحضارات العراقيّة مثل الآشوريّة والبابليّة، وأربطها بحضارات أمريكا الجنوبيّة، وأجد فيها تطابقًا عجيبًا في الفكر وفي التّعامل مع ظروف الحياة،
والتشابه في الأساطير!
ليصبح لديَّ يقين:
إنّ الإنسان هو ذاته في كافة بقاع الأرض!
يلاحظُ ويتعلّمُ ويصلُ لنتائج.
فبدأتُ أحبُّ أن أقرأ في تاريخ التعلّم!
وأصبح لديّ فيه أيضًا يقين:
إنّه السلوك البشري الوحيد الذي لا يمتلك تاريخًا!
إنّه فطرة خُلِقت مترادفةً مع روحه.
وعدم القدرة على التعلُّم هي نوع من أنواع الإعاقة، فيُصنَّف الإنسان بدرجة قدراته على التعلم بأنّ قدرته توقّفت عند هذا السّن، ولا يستطيع التّطوّر بعدها ذهنيًا وهذا قدر ولد به! وليس الأساسَ الإنساني.
ليأتي تساؤلي الثاني:
مما نتعلم؟
نحن نتعلّم بالدّراسة، بالقراءة، بالملاحظة، وأكبرُ معلّمٍ يَغرس علمه في قلبك وروحك هو الألَم!
عجيبٌ هذا؟
أبدًا، نحن خلاصةٌ من تجاربنا المؤلمة، فالتجربة هي المعلّم الأبرز ومختبر القدرات.
المعرفة خزّناها في عقولنا، ثم أمسَكْنا لوحةً، وضعنا فيها تنفيذ الأفكار، فبدأنا بالتجربة، ولن نجد التعلّم في النجاحات، لأنّ نشوة الفرح لا تكتمل إلا بعد الإصرار بالتجربة وإعادة تصميمها للوصول إلى النجاح!
الألَم رفيقٌ للتعلُّم، لأنّه المحرّك الأساسي لانغراس الأثر، فالتجارب تُغرس خبراتنا حين نتذكّرها، بكفاحها وليس بترفها، فقد قاومنا بألم اختلاف المحيطين، واختلاف الواقع عن الكتب!
وقوّة سيطرة المادة! ومَن يملكها طبعًا!! لنقتنع أنّنا يجب أن نتعلّم كيف نُقوْلب الأفكار حسب ذهن البيئة التي نستهدفها بالتجربة،
ونُطبّق لننال لذّة الوصول للإنجاز…
الذي مرّ بالألَم، وتمّ النهوض على أنقاضه، واستحقّ منّا الاحتفاء.
إن كنتَ تُهزم من الألَم، وتسعى لتجنّب كل ما يؤذيك. فلن تتذوّق لذّة الإنجاز، وستقبع بإعاقة لم تولد بها بل غلفتها حولك بيديك.