أقلام

الصمت

فاضل هلال

لا الصمتُ يجدي ولا الكلامُ ولا القلمْ لا حال ذي كِبَرٍ به طاف العدمْ

هل تعلم بأن الصمت قد يقتل الإنسان ويدمر حياته بالكامل. هذا السكون الداخلي المملوء بالكبت للمشاعر والأحاسيس المختلفة من آهات وأحزان وآلام وضغوط تدمر نفسية الإنسان، وقد تتحول إلى أمراض تفتك به في لحظة ضعف من غير أن يشعر بخطورتها وعواقبها، فهي كالبركان الخامد الصامت والساكن الذي في لحظة قد ينفجر فيقضي علينا أو يصيبنا بالمرض والبلاء لا سمح الله.

في الغالب لا يعني السكوت الرضا والقبول، فقد يكون اعتراضًا، والكثير من الناس مع الأسف يفسر معنى الصمت بالرضا فيقول بما أنه ساكت فهو راضِ، وهذا تعبير خاطئ.

فلماذا يلجأ الإنسان للصمت؟

هناك أسباب عديدة ومختلفة للصمت والرغبة في البقاء دون كلام وتواصل صوتي سواء من الرجل أو المرأة. وأكرر هذا لا يعني الرضا والقبول !!!

فالمرأة قد تصمت ولا تتكلم وذلك بسبب حاجتها للتأمل وفهم المواقف والأسباب التي تواجهها وتريد السيطرة عليها بغريزتها كأنثى فتتجنب المواجهة، أو ربما تصمت تعبيرًا عن استياء أو ألم في داخلها أو رفض لشيء لم يعجبها. وهذا ما يسمى “بالصمت العقابي” فلكل فعل ردة فعل، وهذا الصمت العقابي قد يكون رسالة للطرف الآخر بطريقة غير مباشرة تعبيرًا عن الغضب والاستياء من أمر معين. وكأنها تعاقب نفسها بالصمت والكبت بسبب الخوف أو قلة الحيلة.

ومن الجانب الآخر نرى أن الرجل حين يلجأ للصمت والرغبة في عدم الكلام والانسحاب بهدوء، فلأنه يحتاج مساحة وفترة من الوقت يهدأ فيها ويمتص غضبه ويفكر ويتأمل لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهه في حياته أو ربما يكون صمته انسحابًا ليتجنب ردة أفعال غير متوقعة منه، أو لأنه على يقين بأنه سوف يدخل في مواجهه خاسرة ومن دون فائدة، فأحيانًا يعبر الرجل عن مشاعره بالأفعال سواء كانت سلبية أو إجابية.

قد نتجاهل الطرف الآخر ونحن نعلم بحاجته الماسة إلينا وهذا الخذلان قد يكسره ويحسسه بالإحباط والألم الشديد، وله ما له من عواقب وخيمة ومؤلمة في نفسه وقلبه.

فيجب التعامل مع الموقف بكل شفافية والسعي لمعرفة الأسباب المحتملة وراء هذا الصمت بحوار مفتوح بين الطرفين مع إعطاء مساحة مفتوحة للكلام والتعبير عما في الداخل “بكل هدوء”. فالكلام والتفريغ بما في داخل الإنسان يريح القلب ويفرج عن النفس، فالهدف هو معرفة الأسباب لحل المشكلة وإنهاء الخلاف لا الصمت والهروب. وهذا الأسلوب قد يجدي نفعًا مع الإنسان المتفهم القابل للتغيير، ولكن قد يكون شبه مستحيل مع الإنسان المعاند والمكابر.

فهل الحل هو الصمت والسكوت؟

الصمت أو السكوت يعبر عن نسبة عدم الرضا بطريقة غير مباشرة. ولكن الكلام الصادق والمناقشة الصريحة بأسلوب هادئ والتعبير عما في الداخل وتوضيح أسباب الصمت و الزعل والاستياء من تصرفات الطرف الآخر مع مراعاة مكانة وحقوق الطرفين الواجبة عليهم، تساعد في إيجاد حلول للمشكلة بعيدًا عن الأساليب الاستفزازية ورفع الصوت والعصبية التي تفاقم المشكلة وتضخمها. وأهم من كل ذلك “الاحترام المتبادل بين لطرفين وعدم التقليل من شأن الطرف الأخر”.

في الختام

يقول الشاعر: ” تعددت الأسباب والموت واحدُ “، مهما كانت الأسباب التي تواجه الإنسان ومهما كانت كبيرة ومؤلمة ومعقدة ولها تأثير نفسي أو عاطفي أو وجداني على الإنسان، سواء بسبب الضغوط أو الخلافات أو كلمات اللسان التي تجرح أو بسبب الخدلان والتجاهل وعدم الاهتمام والإهمال وعدم المبالاة من الطرف الآخر من الجنسين سواء من ناحية الحقوق أو الواجبات الواجبة على الطرفين، ,,فالصمت ليس الحل الأنسب لحل المشكلات وإن كان سبيلًا يتخذه الطرفان مؤقتًا لتجنب النزاعات والوقوع في المشاكل إلا أنه مؤقت. وهذا يجعل المشكلة تظل معلقة دون وجود حلول لها. فالبعض قد يلجأ للاعتذار مع أنه ليس مخطئًا فقط لينهي الخلاف والمشكلة، وهذا أسلوب خاطئ.

وفي نهاية المطاف فإن المرأة هذا الكائن الرقيق والجميل لا يريد إلا اهتمامًا وحبًّا من الشريك، والرجل صاحب القوامة يريد احترامًا وتقديرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى