بشائر المجتمع

السيد مهدي الطاهر: كيف نحول الخلاف الزوجي إلى فرصة للنمو والتفاهم؟

زينب المطاوعة: الدمام

استضاف مجلس الزهراء الثقافي مساء الاثنين المحاضر السيد مهدي الطاهر في أمسية بعنوان «مهارات للتعامل مع الخلافات الزوجية بشكل آمن». وقدّم فيها طرحًا علميًا وإنسانيًا متوازنًا، رسم من خلاله خريطة واضحة لفهم الخلاف الزوجي، والتعامل معه كفرصةٍ للنضج لا سببٍ للانفصال.

افتتح السيد الطاهر حديثه بالتأكيد على أن الخلاف لا يُعدّ مؤشرًا على فشل العلاقة، بل هو سمةٌ طبيعية في كل زواج، مشددًا على أن فن إدارة الخلاف هو ما يصنع الفرق بين بيتٍ يتصدّع وبيتٍ يزداد تماسكًا. وأشار إلى نتائج دراسات علمية تفيد بأن نحو 69% من الخلافات الزوجية لا تُحل بالكامل، وإنما يُتعايش معها بوعيٍ ونضجٍ متبادل

كما استند المحاضر إلى قوله تعالى: )ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة(،
موضحًا أن المودة والرحمة ليست مشاعر عابرة، بل قوة إلهية مستمرة تتطلب رعاية دائمة بالتواصل والاحترام، مؤكدًا أن ضعف الحوار هو أول ما يهدد هذا الجعل الإلهي.

وأوضح إن الخلاف عبارة عن تباين مؤقت في الرؤى أو الأولويات، تتعدد أسبابه بين اختلاف الطباع والتنشئة والتوقعات. وبيّن أن من أكثر ما يؤجّج النزاعات هو دخول أحد الطرفين بتوقعات مثالية، كأن يفترض أن الحب وحده يكفي أو أن الطرف الآخر يفهمه دون تعبير.

ثم عرّف السيد مصادر الخلاف الزوجي بأنه اختلافٌ مؤقتٌ في وجهات النظر أو الأولويات، مشيرًا إلى أن الاختلاف في الطباع والتنشئة والقيم والتوقعات يعدّ من أبرز أسبابه،  وأوضح أن بعض الأزواج يدخلون الحياة المشتركة بتوقعات غير واقعية، كأن يتوقع أحد الطرفين أن يفهمه الآخر دون كلام، أو أن الحب وحده يكفي لنجاح العلاقة، وهو ما يجعلهم يصطدمون بالواقع اليومي ومتطلبات الحياة العملية والنفسية.

كما قدّم السيد الطاهر مجموعة من الأدوات العملية للتواصل الآمن، من أبرزها: اختيار الوقت والمكان المناسب للنقاش، فالحوار في ذروة الانفعال يزيد اتساع الفجوة، احترام المشاعر وتجنّب التهكم أو الإدانة، لأن الكلمة الجارحة تُخلّف أثرًا أبقى من الخلاف نفسه، تجنّب “الفرسان الأربعة” لهدم العلاقة الزوجيةالتي حددها الباحث جون غوتّمان: النقد، الاحتقار، الدفاعية، والانسحاب، التعبير الواعي باستخدام جمل بنّاءة مثل: “أشعر بـ…” بدلًا من “أنت دائمً”، الاعتذار الناضج، الذي وصفه بأنه مؤشر على التوازن النفسي واحترام الذات.

ودعا السيد الطاهر الأزواج إلى تحويل الخلاف إلى فرصة للتقارب والنمو المشترك، مقترحًا ما سماه «طاولة المحبة»، تُخصّص لحوار أسبوعي تُناقش فيه القضايا المؤجلة بهدوءٍ ومحبة، بعيدًا عن التوتر اللحظي.
كما شدّد على أهمية الوعي بالذات وضبط الانفعالات، موضحًا أن المسافة بين الانفعال والاستجابة هي المساحة التي يُبنى فيها السلام الأسري.

وقد تفاعل الحضور بمداخلات ثرية وتجارب واقعية عبّرت عن عمق الحاجة لمثل هذه الحوارات التوعوية، مؤكدين أن الخلاف الزوجي ليس نهاية الطريق، بل بداية فهمٍ أعمق متى ما وُجدت النية الطيبة والحوار الراقي.

وختم السيد مهدي الطاهر حديثه بقوله: “الخلاف لا يُخيف، إنما الذي يُخيف هو غياب الوعي. فالزواج الواعي لا يخلو من الاختلاف، لكنه لا يفتقد الاحترام.”

كما قدّم مجلس الزهراء الثقافي في ختام الامسية شهادة شكر وتقدير للسيد مهدي الطاهر تقديرًا لمشاركته الفاعلة، وإسهاماته المستمرة في نشر الوعي التربوي والاجتماعي، متمنين له دوام التوفيق والعطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى