أقلام

أنسنة المباني المدرسية وتحويلها إلى بيئات إنسانية واجتماعية

سعيد الباحص

منظومة التطوير والتحول التي تعمل عليها وزارة التعليم اليوم في كافة أنظمتها وبرامجها ومشاريعها تتجه نحو الغاية في تحسين البيئة ومؤسساتها التعليمية، إلى جانب مخرجاتها تحقيقا لمبدأ التنافسية العالمية في التعليم والتطوير، وذلك وفق الغايات والأهداف العامة التي تتمركز في عدة محاور، منها تعزيز مشاركة الأسرة في التحضير لمستقبل أبنائهم، وبناء رحلة تعليمية متكاملة، وتحسين تكافؤ فرص الحصول على التعليم، وتحسين مخرجات التعليم الأساسية، وكذلك تحسين ترتيب المؤسسات التعليمية، وتوفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولية وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.

وبما أن الطرح في هذا المقال ينصب حول الغايات التي تعمل وزارة التعليم على تحقيقها، وأهم المشاريع التي تتمركز حول تحسين وتطوير بيئة التعليم وهي المدرسة المؤسسة التعليمية والتربوية التي تعنى بتعليم الأجيال وإعدادهم للمستقبل سأتناول واحدة من تلك المشروعات التي تشرف على تنفيذها الذراع التنموي بوزارة التعليم الإدارة العامة للمسؤولة المجتمعية والعمل التطوعي بالتعاون مع الإدارة العامة للأمن والسلامة والمرافق وهو مشروع (أنسنة المباني التعليمية) والذي سيعطي المدرسة تعريفًا أوسع وأشمل من كونها مكان يعد للدراسة وتلقي الطلبة العلوم والمعارف في مختلف المراحل الدراسية، بل هناك أبعاد إنسانية وتنموية وثقافية واجتماعية حيث تعد كيانًا اجتماعيًّا يلتقي فيها الطلبة بأقرانهم ويكتسبون مهارات التواصل والتفاعل وهي سبيل لتعريفهم على مجتمعهم ووطنهم الغالي من خلال الأدوار التي يبذلها قادة العمل التربوي والتعليمي زملاء المهنة من المعلمين والمعلمات في مرحلة هامة من حياة الطلبة، حيث تعمل على تنمية قدراتهم وصقل شخصايتهم وتنمية وعيهم تجاه غرس محبة الوطن في نفوسهم، ومختلف القضايا والموضوعات التي تكسبهم المعرفة والقيم وتعمل جنبًا إلى جنب مع الأسرة في عملية التنشئة والتربية وهي امتداد حقيقي وفاعل للأسرة في تعزيز الانتماء للمجتمع.

إن فكرة مشروع (أنسنة المباني التعليمية) هو نهج شامل لتحسين بيئة التعلم فليس الغرض منه فقط تحسين وتجميل الأسوار أو جدران المدارس، بل أبعد من ذلك بكثير حيث أن فكرة الأنسنة في ذاتها إيجاد وتأكيد للأبعاد الإنسانية، وجعل تلك المؤسسات التعليمية قريبة من احتياجات الطلبة الروحية والعاطفية والاجتماعية، وإعطاء بعد راسخ لمعنى الهوية البصرية مما تخلق أثرًا عميقًا في نفسية الطلبة ومنسوبي المدرسة لتكون البيئة التعليمية أكثر صحة وجاذبة لهم والأجمل من ذلك عندما تكون الهوية البصرية لتلك المؤسسات التعليمية مجسدة لثقافة المنطقة التي يعيش فيها الطلبة، فجهود وزارة التعليم في هذا الشأن ظهر واضحًا في اعتماد ٨٠ مدرسة على مستوى المملكة كمرحلة أولى بدأت في تطبيق مشروعها في الأنسنة و٤٥٣١ مدرسة في خطة مستدامة قادمة بمشيئة الله تعالى لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة ٢٠٣٠ في تعزيز معاني جودة الحياة.

فمبادرة نوعية كهذه أدركت وزارة التعليم حاجة المجتمع لها اليوم بهدف تحسين البيئة المدرسية وتحسين الأجواء داخل المدرسة ومحيطها والعمل على دمج عناصر الطبيعة ليشمل التشجير المكثف والعمل على زيادة المساحات الخضراء وأماكن للأنشطة المتعددة والملاعب ومناطق الترفيه الجاذبة للسكان وتطوير وتحسين أسوار المباني التعليمية وجعلها ذات هوية بصرية جاذبة وتعزيز مشاركة المجتمع في التعليم والتعلم ودعوة شركاء المسؤولية المجتمعية من القطاع الخاص والقطاع غير الربحي للمشاركة في هذه المبادرة وطرح الفرص التطوعية المعززة لنشر وثقافة العمل التطوعي إلى جانب تعزيز الوعي البيئي من خلال برامج توعوية تهدف إلى ترسيخ ثقافة الإلتزام البيئي والاستدامة لدى الجيل القادم وحتمًا بأن تعزيز بيئة التعلم وتطويرها وجعلها بيئة مريحة سيسهم في تطور الطلبة بشكل إيجابي وسينمي مهارات التفكير النقدي لديهم وكيفية حل المشكلات والتحديات وقدرتهم على فهم المستقبل والسعي لرفع راية الوطن بمشيئة الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى