سيطرة!

مريم الرمضان
كل ما تراه ملكك، تراه تحت إطار حقوقك وسيطرتك!
لا بأس أن تملك شيئًا تسيطر عليه، وتريده أن يكون كما ترى وتخطط وترسمه في ساحات الخيال.
ولكن حين تكون أحلام سيطرتك على أفعال البشر، ستسقط من غيمة حلمك على أرضٍ موجعة!
أنت لا تستطيع أن تملك أفعال البشر.
لن يكون ابنك كما تريد،
ولا زوجك، ولا حتى صديقك.
جميعهم يحومون حول فلك قواعد الكون المسيرة لردود أفعالهم.
أنت وهم تبحثون عن الأمان الروحي والنفسي في تحقيق قواعدكم وأحلامكم المتضاربة على صفيحٍ مشتركٍ ساخن.
ولن تعيشوا هذا الأمان إن جعلتموه رهينًا بردود أفعال الآخرين.
فلكلٍّ منهم أهواؤه، فتتجه أنت نحو الغصب والسيطرة والقوة، وتستخدم أسلحتك لتحقيق أحلامك على حساب هزِّ أمان الآخرين.
خُلِق البشر بأهواءٍ متشابهةٍ ومختلفة،
ولا اشتراط أن يكون ابنك أو زوجك أو أخوك على الهوى نفسه.
فليختلفوا، وليجتمعوا معك على أمرٍ آخر.
وجود هذا الاختلاف لا يعني أن في العلاقة خللًا يستدعي استبدالهم.
لن تستطيع استبدال أخيك،
ولكنّك قطعًا تستطيع الاستعانة بصديق.
وجود الأصدقاء يملأ هذا الفراغ النفسي، ويخفف هذا الصدع الذي قد تراه بين علاقاتك الأسرية.
فهم لا يشبهونك — وهذا ليس عيبًا فيهم ولا فيك.
لن تستبدل زوجتك لأنها لا تستمتع بالجلوس تحت النخلة وتتضايق من النمل، ولن تستبدلي زوجك لأنه يتأفف ويعكر صفو متعتك
حين تسيرين سعيدةً متأملةً واجهات المتاجر، وتستمتعين بالتفرج على الأرفف وانتقاء ما لا تحتاجينه بفرح!
لذا، فلنترك شركاء الحياة يتفقون معنا حينًا، ويختلفون في بقية اليوم،
ولنصنع لأنفسنا ركنًا قصيًّا نعيش فيه الاستكنان.
بعضكم يكون ركنه صديقه، وبعضكم أريكة وفيرة — كما صنعتُ أنا أريكةً ونبتةً وحوضَ سمكٍ أسمع منه صوت هدير الماء.
أستكنّ إلى أن يتذكر الجميع أني أمٌّ وزوجةٌ خاصة لكل فردٍ منهم.
فتتوقف الحروف عن الكتابة،
وتبدأ محاولة مجاراة الأهواء!.




