أقلام

رسالة شكر لأبناء وبنات الأصول

أمير الصالح

مقدمة

شكرًا لأبناء وبنات الأصول لأنكم سقيتم وجذرتم أشجار الأدب المحمود والأخلاق الحميدة والتواضع والتعاضد والشجاعة والثبات والعفة والحشمة والرحمة والوفاء ونبذ الخلاف ونبذ الرياء والابتعاد عن المناكفات وتجنب مواطن الفسق وتفادي أهل الرذيلة وتحصين المجتمع من الفجور في الخصومة والحث على الرحمة ومد يد العون للمحتاج والتحنن على اليتامى والأمر بالخير وصلة الرحم والإيثار وترويض نزعات الهوى وتهذيب النفس. في عالم تزداد فيه رقع الحروب وأصناف الجرائم وتعدد الاضطرابات وقلة الحياء وكثرة أفعال أهل الشر وسطوة أهل الرذيلة، وجود أبناء وبنات الأصول، جعل الله الدنيا بهم أقل وحشة وأكثر استقرارًا وأمانًا واستئناسًا ورحمة. فشكرًا لكم وشكر الله حسن وفاءكم وتفانيكم وثبتكم الله على الحق وقوة البصيرة.

حوار

يقال بأن البيوت أسرار؛ فهل هذا القول يصمد في ظل انتشار سنابات لبيوت تكشفت دواخلها وتفاصيل ما يدور فيها؟!

يقال بأن المجالس أمانة، فهل هذا القول فقد معناه في ظل انتشار مقاطع متداولة لأحداث مزعجة ومذهلة دارت بمجالس من المفترض أن تكون مغلقة!!

مع شديد الأسف هوس صنع المحتوى الرقمي وبثه على بعض قنوات التواصل الاجتماعي وصل لدى البعض حدود كسر الخطوط الحمراء والخوض في خصوصيات الخصوصيات وأعراض لا يليق أن تتحدث بها النساء ولا الرجال في أي مكان ولا أمام أي أشخاص، فضلًا عن فضاء العالم الرقمي. إلا أن الهوس في هذا الجانب تمادى عند البعض حتى أضحى بعض المراهقين والمراهقات والأطفال يتجاسرون بالخوض صوت وصورة في أمور يعف اللسان عن ذكرها. في ظل تمدد هذه الغمة السوداء من شنائع تطبيقات التواصل الاجتماعي ومن سقوط البعض في أوهام الجرأة غير الأخلاقية والشهرة عبر التحدث في الرذيلة بصور فجة ولسان سيئ أو تهشيم قيم الفضيلة بالتهكم تارة والغمز واللمزة تارة أخرى، نشعر وإياكم بالامتنان والثناء حق واجب وتوجيه عبر رسالة شكر لأبناء وبنات الأصول ممن يعيش حولنا، وفي أرجاء العالم؛ وندعو الله العلي القدير أن يكثر عدد وعدة أبناء وبنات الأصول، ويعلي كعبهم وأثرهم، ونتقدم لهم بالشكر والثناء والمودة والاحترام والدعاء. فبوجود أبناء وبنات الأصول ذوي الحشمة والعفاف والأخلاق الحميدة والسلوك المحمود أضحت دنيانا أكثر استقرارًا ورحمة وسعادة وأمانًا. وأصبحنا وإياكم نطمئن بأن الدنيا ما يزال بها خير وتشرئب أعناقنا بمصاهرتهم وصداقتهم والارتواء من جميل أخلاقهم. ونهيب بأبناء الأصول كبارًا وصغارًا بزيادة إنتاج المحتوى المكتوب والمرئي في العالم الرقمي والواقعي لبث روح التفاؤول وصنع الأفضل من الإنسان ومحيطة وقادم أيامه.

في غابر الأيام وحاليًّا

قديمًا، قيل بأن العرب القُدماء يرون أن من يتصدر المجلس لا بد من أن بكون لابسًا العمامة، وإن تصدر المجلس رجل كاشف الشعر فإن ذلك يُصنف على أنه من خوارم المروءة. لك أن تتخيل ما آل إليه الحال في يومنا هذا في بعض بقاع الدنيا!

وكان العرب القُدماء يهبون هبة رجل واحد معاضدة ومؤازرة إن نزل بأحدهم فرح أو ترح أو عقد العزم أحدهم بحل أو ترحال من سكن، ويستقبحون من يخذل صاحبه أو ابن عشيرته أو اكتفى بأن يتفرج عليه. لك أن تتخيل ما آل إليه الحال في بعض البقاع والمجتمعات من تهشم وتندر وخذلان ومشاكسات وتنافر وعدم مبالاة!

وكان العرب القُدماء يهبون هبة رجل واحد عند نزول ضيف برحالهم، وحديثًا مفهوم الكرم تعرض لصدمات مهينة ومشينة وخارمة للمروءة. لك أن تتخيل أن الكرم أضحى يقاس بالأقوال الانفعالية، والهياط وبعض صور قد تُحمل محل الرياء وتنصب الاهتمامات في شكل حملات ترويج للمقاطع المصورة في مواقع السناب والفيس بوك للأكل والموائد، بدل ان يُعرف الكرم بحسن الضيافة ومقدار الاتزان والحفاوة بالضيف وتبادل علوم الحكمة والفروسية وتدارس فنون إدارة الحياة والمحافظة على خصوصية الدعوة في نطاق المدعوين وضرورة احترام كرامة المدعوين وحفظ ما دار من حديث ومنع نشر أو إعادة نشر الدعوات الخاصة عبر الفضاء الرقمي وحجب البث في مواقع التواصل الاجتماعي مثل سناب شات وأخواتها لكون الدعوة خاصة، ومحاسبة من يسيء استخدام اللقطات التصويرية لأية دعوة.

كان الفرسان الحكماء الأمناء والحمام الزاجل أداة لنقل الأخبار الهامة بين رؤوساء العشائر، واليوم أصبحت معظم مواقع التواصل الاجتماعي ساحات بث الإشاعات وإضرام النزاع وبدء التراشق وإطلاق حملات الفجور والمجون واللتحريض بكل أنواعه والتسويق والتباهي والتفاخر والتهكم والقذف، كما أنها (أي منصات التواصل الاجتماعي) ساحات التعلم والحوار واستنطاق الحكم والاتعاظ ونقل التجارب البشرية ونشر المعلومة والتثقيف والبحوث العلمية أيضًا. أي أن منصات التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، يخدم العدو المتربص ويستعدي الصديق الصدوق، كما أنه يغذي عقل العاقل ويرشد الباحث. وأرى شخصيًّا ضرورة ضبط الإيقاع في مجالات عدة، لأنه إذا لم تضبط الأمور بأخلاق الرجال وأبناء الأصول والعرف الرشيد والقانون العادل تحولت الساحات الرقمية إلى منبر لصنع التنابز والهمز والغمز والتنافر ووقود للرياء وخلق الكراهية وبث التراشق وتحفيز الانشطار العمودي والأفقي داخل كل كيان وترويج للرذيلة ونسف للقيم، وقد تكون يومًا ما، المواد والمعلومات والصور والبيانات الرقمية أداة لإضرام الفتن وتفريق الصفوف. فليكن أبناء الأصول هم القدوة وليس أصحاب السناب الترويجي المُثقل بالأنانية وحب المحاسب اللحظية.

التسويق للذات

يقال بأن التسويق جزء من كتاب البيع وليس الكتاب كله. في عالم اليوم أضحى عدد ليس بالبسيط من الناس يسوق نفسه كما يسوق لأي منتج عبر تطبيقات التواصل الرقمية مثل السناب شات، فيدون يومياته وحفلاته وتسوقه ورحلاته وطعامه في الوجبات الثلاث وغدوّه وإيابه وملابسه وعطره وحيثما حل ظنًّا منه بأن هذا وذاك يبرز قيمته ويزيد عدد معجبيه ويجعله وجيهًا في المجتمع!!! وإن ضمرت مهاراته في التسويق لذاته يومًا ما، أضم وأدرج في دعواته وسفراته ومناسباته بشكل منسق أو مُغلف لشخص يجيد استخدام منصات التواصل الاجتماعي الرقمية وهو ما يسمى سنابر ويوتيوبر مشهور لترويج لنفسه ولما يود أن يسوق له عبر صنع ولائم أو إطلاق حفل موثق بالمنصات أو نجاحه أو سفره أو مغامراته … إلخ. والواقع أن كل تلكم الحملات الترويجية لفلان هي مرحلة أو جزء من كتاب. أتمنى من المؤلفين أن يشاركونا تصورهم لبقية الأقسام من فصول كتاب حياتهم!!!!

ختامًا

لا ننكر أن البعض أو الغالبية سقط أو سيسقط في فخ ” حشر مع الناس عيد”، إلا أن الإدراك وتدارس الأمور بروية يفرض علينا استخدام المنطق وعقلنة السلوك. أرجو الاستفادة من خيار الناس وأدبياتهم وسلوكهم لئلا يسلط الله عليكم شراركم ولا يُستجاب لخياركم. وأتمنى عمن أعماه حب المال أو أعماها حب الرذيلة أن يراجع / تراجع نفسه/ها بالعزوف والإعراض عن عرض أو ترويج أية مادة اعلامية تعد من سفاسف الأمور أو تغضب الله. فالجميع بالنسبة لنا امتداد من شجرة واحدة. والأفكار الإبداعية والجميلة والهادفة والعلمية الرصينة والأخلاقية السامية والتربوية المفيدة ما تزال كثيرة جدًّا وتحتاج لطاقة الجميع في التحدث بها وإبرازها. فالجميع إن شاء الله أبناء أصول وبنات أصول بجميل عمله وطيب أثره وحسن صنيعه؛ وليس بنسبه أو أمواله أو كثرة أعداد أبناء قومه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى