بمجلس الزهراء الثقافي الدكتور النخلي المشاريع لا تنجح بالعشوائية.. بل بالاختيار الواعي

زينب المطاوعة : الدمام
في ظل ارتفاع التوجه نحو العمل الحر وتزايد رغبة الشباب في تأسيس مشاريعهم الخاصة، أقام مجلس الزهراء بالدمام مساء يوم الاثنين الماضي محاضرة مميزة بعنوان (كيف تختار مشروعك؟) قدّمها الأستاذ أيمن النخلي، المتخصص في تطوير المشاريع الصغيرة ودعم المبادرات الفردية. جاءت المحاضرة ضمن سلسلة اللقاءات التي يعقدها المجلس بهدف تعزيز ثقافة الوعي العملي والاقتصادي وتمكين الشباب من اتخاذ قرارات مبنية على فهم حقيقي للسوق واحتياجاته.

افتتح النخلي حديثه بسؤال محوري لفت به انتباه الحضور وهو: “هل تختار مشروعك لأنك تريده أنت؟ أم لأنك رأيت غيرك ينجح فيه؟
من هذا السؤال انطلق إلى التأكيد على أن المشروع الناجح لا يبدأ من الفكرة بل من الشخص نفسه، فالمعرفة الذاتية تمثل حجر الأساس لنجاح أي مشروع؛ إذ إن اختيار فكرة لا تنتمي إلى قدرات الفرد أو طبيعته أو اهتماماته يجعل المشروع هشًا وغير قابل للاستمرار.
وتناول النخلي أهمية دراسة السوق ورصد الاحتياجات، مبينًا أن الفرص تظهر غالبًا في التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها الكثير. وأكد أن التميز لا يتطلب رأس مال كبيرًا بقدر ما يتطلب عينًا قادرة على رؤية فجوة حقيقية في السوق ومؤكدًا أن الفرص موجودة حول الجميع، لكنها تمرّ كالغيوم، ولا يلتقطها إلا من امتلك القدرة على رؤيتها واستثمارها فالسماء لا تمطر ذهبًا لكنها تمنح فرصًا كامنة وأنت من يحوّل الطاقة إلى ذهب.
وفي سياق حديثه، أشار الدكتور النخلي إلى الدور الحيوي الذي تقوم به رؤية المملكة 2030 في تمكين روّاد الأعمال، عبر البرامج الداعمة ومنصات الإرشاد وتمويل المنشآت الناشئة، مؤكدًا أن البيئة الاقتصادية اليوم هي الأكثر استعدادًا لاستقبال المشاريع الجديدة.
كما عرض المحاضر تنوع مسارات المشاريع الممكنة، بدءًا من المشاريع الخدمية القائمة على مهارة أو خبرة، إلى المشاريع التجارية المبنية على البيع والتوريد، وصولًا إلى المشاريع التقنية الحديثة والمشاريع المنزلية الصغيرة القابلة للنمو التدريجي. وشدّد على أن التخصص الدقيق هو ما يصنع حضورًا واضحًا وثقة مستمرة لدى العملاء، بخلاف التشتت الذي يستهلك الجهد دون أثر ممتد.
أما عن الجانب النفسي، فقد أشار النخلي إلى أن الخوف من البداية هو العائق الأكبر لدى الكثيرين، مبينًا أن المشروع لا يحتاج إلى انطلاقة ضخمة، بل إلى خطوة صغيرة مدروسة قابلة للتكرار والتطوير. وقال: النجاح لا يبدأ من مشروع كامل، بل من خطوة صغيرة صادقة.
ثم قدّم الدكتور منهجًا عمليًا يبدأ من الذات وينتهي بالسوق، يقوم على: التعرّف على ما يجيده الإنسان فعلًا وما يمكنه تقديمه بتميز، مراقبة تغير الاحتياجات في المجتمع ومعرفة الاتجاهات الصاعدة، التشبيك مع العاملين في المجال وسماع التجارب الواقعية، إطلاق نموذج أو تجربة صغيرة قبل الالتزام المالي الكبير، صناعة ميزة تنافسية واضحة مهما كانت بسيطة في البداية.
وفي ختام العرض، طُرحت عدة أسئلة من الحضور حول كيفية اختبار الفكرة قبل الاستثمار فيها، وأفضل الطرق للتسويق الأولي، وكيفية التوسع دون فقدان الجودة. وقدّم النخلي إجابات عملية مبنية على تجاربه وملاحظاته الميدانية.
موضحاً إن اختيار المشروع ليس خطوة عابرة، بل قرار يؤسس لطريق طويل من التعلم والنمو، وحين يعرف الفرد ما يمتلكه من قدرات، ويبدأ بخطوة واعية ومدروسة يصبح المشروع أكثر من مجرد مصدر دخل؛ ويصبح رسالة وامتدادًا لحضور صاحبه، فالنجاح لا يصنعه الحظ بل تصنعه البدايات التي تُختار بوعي.
واختُتم اللقاء بتقديم الشكر لدكتور أيمن النخلي على ما طرحه من رؤى واقعية وعميقة، مع التأكيد على استمرار مجلس الزهراء في دعم البرامج التي تنمّي الوعي وتفتح أبواب المبادرة والإبداع.





