
أمير الصالح
كم عد الهنود ( البنغال الباكستانيين) المتواجدين في الحي الذي تعيش فيه ؟ وفي المدينة التي تعيش فيها؟ والدولة التي ترعرت فيها؟ وحول العالم حاليًّا؟
قد تقول: هذا أمر لا يهمني إطلاقًا!
شخصيًّا عندي قراءة أخرى، ولا سيما إذا عرف الإنسان أن حيه ومنطقته ومدينته هي مناطق آخذة بالتأثر الشديد بالوجود الهندي الذي أخذ يُعرف بالشتات الهندي The Indian Diaspora .
الحوار
لا عجب أن ترى عدة بقالات متناثرة في حي واحد يديرها هنود بكفاءة عالية جدًّا. كوني مطور نماذج عمل business model ، حاولت أن أستقرئ أنموذجً البقالات التي يديرها الهنود من منطقة كيرلا، كأنموذج ناجح فعال لإدارة الأعمال الصغيرة. فوجدت أن الجالية الهندية الوافدة من منطقة واحدة يبنون بنك معلومات للمنتجات المتوافرة بالسوق عند المنافسين وجودتها وأماكن توافرها وأسعارها وطرق جلبها بأقل الأسعار وبأسرع وقت. ولذا قد تلاحظ أنك إذا مررت على بقالة هندي مرتبط بأبناء جلدته وسألته عن شيء ما، فإنه لا يقول لك “غير موجود ” ، وإنما يعقد اتصال بالرجل المركزي (بالعقل المركزي) لإدارة مجموعة البقالات والمطلع على السلع وأسعارها وأماكن توافرها، ثم يجيبك البائع بأن السلعة نفذت الآن وستكون متوافرة يوم غدٍ أو بعد غد. وبالفعل يجلبها بعد اعتمادك للطلب. هكذا تسهيل في جلب ما تريد جعلك لا إراديًا تزور البقالة ذاتها عند احتياجك لسلعة ما وبشكل تلقائي وتنفر من السوبر ماركت الذي لا يوفر السلع التي تريدها.
ليس هذا فحسب بل إن البائع الهندي النشط يسعى لاكتسابك وخدمتك وإيصال مشترواتك لسيارتك أو باب دارك ! وتتطور العلاقة فترى الذي يبيعك السلع يستشعر بالحديث معك عن احتياجاتك الأخرى لأعمال الصيانة من سباك او كهربائي أو مهندس إنتركوم، فيبادر بالترويج لأحد معارفه من أبناء جاليته ممن يقومون بتلك المهام المدنية. فتشعر بعد حين أنك مُحاط بكماشة مكونة من صباغ هندي وسباك هندي وحداد هندي وقائد ليموزين هندي ومطعم هندي وموصل الطرود هندي وعامل صيانة حاسوب هندي وبستنجي هندي وخباز هندي .. وبواب الفندق هندي و…إلى جانب بائع بالبقالة هندي! ونسينا وتناسينا أننا من المفترض مجتمع مستقل عبر تبادل خدمات يقدمها أبناء المجتمع لإبنائه! لا بل أصبح الجوال فرد من الأسرة، وأصبح البقال مطراش الأسرة.
التأثير
طغى التاثير في بعض نواحي الحياة حتى امتد في بعض المجتمعات الخليجية إلى معظم الأشياء. طعامنا وموسيقانا وعروض سينمائية وأزياء وحنة وبرمجة حواسيبنا… و … كل ذلك متاثر بوجود الكتلة الكبيرة للجالية الهندية الفاعلة، إلى جانب الضخ الإعلامي عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكذلك تاثير الثقافة الغربية في بعض الدول العربية.
بعد حوادث السرقات الرقمية للمعلومات، أضحى واجب وطني بحماية بعض القطاعات التي تدخل الحواسيب في إنجازها، ولا سيما البنوك والصحة والصناعة والتعليم، وتشغيلها بأيدٍ وطنية صرفة.
المساهمة والبناء
شخصيُّا أشكر كل الأيادي العاملة المثابرة العفيفة المستقدمة والقادمة، التي ساهمت وما تزال تساهم في بناء الوطن وزيادة النمو فيه، إلا أنني أصطف مع أبناء بلادي في حماية التوطين للوظائف وأشجعهم للانخراط في الأعمال المهنية والتسويقية مع لين الجانب وحسن الأخلاق وصدق العهود.
نسبة التحرش والجريمة
لم أطلع على إحصائية رسمية محلية عن جرائم الجاليات من كل جنسية تعمل داخل أرض الوطن، ولكن الانطباع العام ولو على نطاق محلي يستشعر بقلة الجرائم الصادرة عن الجالية الهندية ضد أبناء الوطن، وهذا الأمر جعل الهند الجهة المفضلة للاستقدام لقطاع عريض من الخدمات (هندسة / بيع/ فندقة/ صياغة ذهب ..إلخ) والأعمال (مقاولات/ هندسة/ …إلخ). إلا أنه ليس هناك ضمان بحسن السيرة والسلوك أبد الدهر لأية جالية، فإذا علمنا أن جرائم الهنود ببلادهم بتزايد ووحشية ملفتة وفسادٍ مستشرٍ، فحق وواجب ولا سيما مع فتح باب الاستثمار الأجنبي، صيانة القوانين الرادعة لدرء أية مفسدة وحفظ المجتمع. ومرة أخرى أشيد بالعمالة الأجنبية الوفية و المخلصة التي ساهمت وتساهم في رحلة البناء والعمران في بلادنا.
مرفق تغريده تسلط الضوء على الانتشار للجاليات الهندية حول العالم.
https://x.com/masterdoc25/status/1957628448832385256?s=46&t=dDobtzm973QXvxxuQFf5Yw
الهنود في بعض بلاد الغرب
يبدو أن صورة الهنود المهاجرين بطرق شرعية أو بطرق ملتوية إلى بعض دول الغرب ولا سيما كندا تشوهت بعد تمادي بعض أبناء الجالية الهندية هناك في استغلال قوانين الهجرة. في بعض المناطق الغربية نجح الهنود في فرض طقوسهم ولغاتهم وطعامهم بشوارع تلكم المدن، ومنها لندن وتورنتو. وبعد تصاعد نسبة البطالة في بعض دول الغرب المكتنزة بالوجود للأقلية الهندية، نقرأ أن هناك موجة كراهية متصاعدة ضدهم من قبل أبناء البلاد الغربية؛ وبسبب سيطرة الهنود على مفاصل سوق العمل في قطاع الخدمات واكتساحهم لها في بعض المدن أصدر البعض نداءات لأبناء جلدته لحماية توطين الوظائف، فضلًا عن رصد الجهات المعنية هناك من تزايد نسبة المزورين للشهادات الأكاديمية بين أبناء الجالية الهندية.
سمعنا
سمعنا عدة تصريحات تحذر من تغول الجالية الهندية وسيطرتها (أو الجاليات الأخرى) ولا نعلم ما هي الإجراءات والنتائج المرتقبة، وهل هناك نشرات دورية تعالج هذا الموضوع في حواضرنا وتفيد المتابع للأرقام والنتائج. شخصيًّا فوجئت بلوحة معلقة على مركز تجاري للخردوات بإحدى المدن العربية تحمل اسم ” دنيا صغير “، وعند الاستفسار من البعض عن صانع اللوحة والخطأ الإملائي فيها، أفادوني بأن الخطاط هندي وكتبها كما قرأت ” دُنيا صغير ” !.




