
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
هل تعرف تلك المهمة التي كُلفت بها أو الرسالة النصية أو رسالة البريد الإلكتروني التي وصلتك من فترة وتحاول تجنب الرد عليها أو تأخيره – رغم أنها ما تزال حاضرة في ذهنك حتى أثناء تصفحك أو ترتيبك للرسائل أو حذف بعضها أو “التحقق من شيء آخر”؟ دراسة جديدة من جامعة كاليفورنيا، في سانتا باربرا، طرحت طريقة مدعومة علميًا لكسر هذه الحلقة المفرغة – وتم تطبيقها بالفعل من خلال تطبيق جديد على الجوال هو تطبيق Dawdle AI. في دراسة جديدة واسعة النطاق، وجد الباحثون أن تمرينًا قصيرًا للتأمل لمدة دقيقتين يمكن أن يخفض من مستوى المقاومة النفسية [مقاومة المرء للتغيير] {1} ويساعد الناس على اتخاذ الخطوة الأولى الحاسمة نحو العمل.
قالت الباحث في مرحلة الدكتوراه أنوشا غارج Anusha Garg، التي شاركت في تأليف الدراسة مع شيڤانغ شيلات Shivang Shelat، زميلة أبحاث دراسات عليا في مؤسسة العلوم الوطنية، والبروفسور جوناثان سكولر Jonathan Schooler في قسم العلوم النفسية والدماغ بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا: “تهدف معظم تدخلات العلاج إلى تغيير من نحن في الأمد الطويل – شخصيتنا أو عاداتنا أو سماتنا، لكن التسويف لا يحدث في المستقبل – بل يحدث في اللحظة التي نرغب فيها ببدء العمل على شيء لكننا نؤجله باستمرار” ركزت الدراسة (2)، التي نُشرت في مجلة BMC Psychology، على “مشكلة خط البداية.” وتناولت هذا التوقف النفسي القصير بين العزم على الفعل وبدء الفعل [اللحظة الفاصلة بين “يجب أن أبدأ الآن” والبدء الفعلي بتنفيذ الفعل]. وقالت غارج: “إذا استطعنا تصميم أداة تسهل تجاوز هذا الخط القصير، سنتمكن من مساعدة الناس على تغيير سلوكهم بشكل صحيح والبدء بالمهمة المكلفين بها، لا تأجيلها. “وبناءً على هذه النتائج، تعاونت غارج مع طلاب علوم الكمبيوتر بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا لتطوير تطبيق (Dawdle AI) (3)، وهو تطبيق مجاني ينقل نتائج هذه الدراسة إلى الحياة اليومية – محولاً علم بدء تنفيذ العمل (4) إلى أداة عملية يمكن لأي شخص استخدامها لتحويل التردد في البد، إلى عزم وفعل وتنفيذ.
يعتمد هذا التطبيق مباشرةً على نتيجة بسيطة لكنها فعّالة انبثقت من الدراسة. النشاط أخذ أقل من دقيقتين، حيث أكمل المشاركون نشاطًا منظمًا لمدة أقل من دقيقتين، وكانت النتائج مذهلة: مقارنةً مع مجموعات الضبط، أفاد أولئك الذين أكملوا التمرين الموجّه بتحسن في الحالة المزاجية، وانخفاض في مستوى المقاومة النفسية، وزيادة في مستوى احتمالية إنجاز المهمة الموكلة إليهم في غضون 24 ساعة. تقول غارج: “لم يكن الهدف التخلص من التسويف بالكامل بين عشية وضحاها، بل جعل بدء تنفيذ المهمة أكثر سهولة نوعًا ما – ولمنح الناس زخمًا في اللحظة التي يجدون أنفسهم عالقين في العمل على المهمة الموكلة.”
ترتكز فعالية هذا التدخل على نموذج القرار الزماني للتسويف (5)، والذي يُؤطّر السلوك باعتباره تقييمًا ديناميكيًا للتكلفة والفائدة (6) بين النفور من المهمة (مدى عدم الشعور بمتعة بدء التنفيذ) وفائدة النتيجة (مدى الاحساس بالإنجاز).
ووفقًا لهذا النموذج، يُؤجّل الناس المهام حين يتجاوز النفور من المهمة (التكلفة النفسية السلبية المباشرة للبدء في التنفيذ) منفعة النتيجة، أي المكافأة المتوقعة لإنجاز المهمة. هذا التدخل الجزئي المصمم في هذا التطبيق يقلب هذا التوازن، وذلك بخفض مستوى النفور من بدء المهمة [وذلك بتصنيف الشخص لمشاعره، أو تسميتها وذلك في محاولة منه للابتعاد عن المشاعر السلبية] (7) بزيادة مستوى المنفعة المتوقعة (وذلك بوضع هدف فرعي صغير قابل للتحقيق، مقترن بحافز يختاره الشخص بنفسه (8)).
في دراسة متابعة لم تُنشر بعد، استكشف فريق غارج ما إذا كان تجزئة المهمة إلى مهام صغيره كافٍ لوحده لإحداث تأثير، أم أن المكافأة له دور رئيس في التأثير. تشير البيانات الأولية إلى تأثير الجمع بين هاذين العاملين، قالت غانج: “حين اكتفى المشاركون بتجزئة المهمة إلى مهن صغيرة، شعروا بدافع أفضل نوعًا ما”. “ولكن عندما اقترنت تلك الخطوة أيضًا بمكافأة صغيرة – مثل المشي أو تناول وجبة خفيفة أو إرسال رسالة نصية إلى صديق – كان الدافع أقوى بكثير. المكافأة تجعل الجهد نفسه يبدو جديرًا بالاهتمام”. تعكس هذه النتيجة نظرية الاجتهاد المكتسب: عندما يقترن الجهد بالتعزيز، يصبح الجهد نفسه مجزيًا. بعبارة أخرى إذا أدى الجهد إلى نتائج جيدة، يعرف المرء أن الجهد يستحق العناء. وبمرور الزمن، يصبح أكثر استعدادًا للمحاولة والمثابرة ويمكن أن يحول البدء في التنفيذ من مهمة روتينية إلى نجاح صغير ومرضٍ.
بدلاً من ترك هذه النتائج في المختبر، حولتها غارج بتطوير تطبيق Dawdle AI. وقالت: “أدركنا أن المشكلة التي تناولناها بالدراسة – صعوبة البدء في التنفيذ والتسويف – تحدث مباشرةً حيث يكون الناس مشغولين على هواتفهم”. “لذلك صممنا تطبيقًا على الهاتف يُمكنهم الاستفادة منه مباشرة.” في الواقع، يجمع تطبيق Dawdle AI بين علم النفس والتكنولوجيا في واجهة سهلة الاستخدام مبنية على نتائج الدراسة. التطبيق يساعد المستخدمين على مناقشة سبب تجنبهم المهمة والتسويف، ويساعدهم على اختلاق مهام فرعية صغيرة، ويشجعهم على اختيار مكافآت بعد إكمال كل منها. يتضمن التطبيق مؤقتات، وتتبعًا للخطوات، ورسومًا متحركة للتغذية الراجعة الإيجابية التي تُعزز الزخم. قالت غارج: “هذا التطبيق هو عبارة عن نتائج دراسة في الأساس حولناها إلى تطبيق”. “عندما يشعر المرء بأنه عالق لا مزاج له بالعمل، بإمكانه فتح التطبيق، والتأمل لبضع دقائق، والشعور بنفس التغيير الذي لاحظناه في نتائج دراستنا من التغيير الايجابي في المزاج والشعور بالتحفيز.
بإعادة صياغة التسويف كعائق نفسي مؤقت بدلًا من كونه سمة شخصية ثابتة، تأمل غارج في تحويل الشعور بالخجل إلى تخطيط استراتيجي والاستفادة منه لإحداث تغيير إلى الأفضل في المستقبل. وقالت غانج: “نحن نسوف لأننا بشر. لكن إذا استطعنا إتقان التعامل مع لحظة بداية التنفيذ هذه – وذلك أن نلاحظها، ونصنفها، ونعمل على إمالة كفة الميزان نحو الفوائد الإيجابية وجعلها أقوى أو أكثر وضوحًا من السلبيات. – وبالتالي يمكننا البدء في أي شيء تقريبًا.
“الجزء الأصعب ليس العمل نفسه، بل مجرد بداية العمل. وهنا تحديدًا يكمن دور العلم في تسهيل هذه البداية.”
الهوامش
1- https://en.wikipedia.org/wiki/Psychological_resistance
2- https://bmcpsychology.biomedcentral.com/articles/10.1186/s40359-025-03388-3
3- https://apps.apple.com/sa/app/dawdle-ai/id6742461709
4- ” علم بدء تنفيذ العمل science of starting والذي ينطوي على المبادئ النفسية والعصبية للتغلب على التسويف وبدء العمل على تنفيذ المهمة. وهي عملية تتطلب جهدًا ذهنيًا أكبر في البداية مما يتطلبه بعد الاستمرار فيها، لما يحتاج الدماغ من طاقة عالية في بدء المهمة.” ترجمناه بتصرف من نص ورد على هذا العنوان:
5- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC12533354/?utm_source=chatgpt.com
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحليل_التكلفة_والفائدة
7- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC9383041/
8- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC11199680/?utm_source=chatgpt.com
المصدر الرئيس
https://www.universityofcalifornia.edu/news/two-minute-fix-procrastination



