
فاضل هلال
المثير للجدل والمُستغرب من البعض الذين ينتقدون الأخرين، أنهم ينتقدون غيرهم بعلم أو بغير علم، فقط يريد أن ينتقد الأخرين ويفتح بابًا للنقاش.
المقصود بالانتقاد هو عملية تقييم الرأي وإبدائه حول عمل ما أو شخص ما بهدف كشف العيوب والمحاسن لديه، ولكن “الانتقاد” غالبًا ما يحمل دلالة سلبية تركز على الهجوم وتصيد الأخطاء في الأخرين وتقديمها بطريقة هدامة، على عكس “النقد البناء” الذي يهدف إلى التحسين ويقدم الحلول، مع التمييز بينهما بأن النقد البناء يركز على العمل ويحترم الشخص بينما الانتقاد السلبي يركز على الشخص نفسه ويؤدي إلى الإحباط. فتارة يكون هذا المنتقد صاحب علم ومعرفة ودراية كاملة بالمجال الذي انتقد الشخص علية كانتقاد الشعراء المبتدئين على شعرهم على سبيل المثال، من قبل شاعر يعلم ببحور الشعر وأوزانها ومعانيها، أو انتقاد قارئ للقرآن على أخطائه الجلية أو التجويدية من معلم قرآن عالم بالتجويد وأحكامه. وهذا النوع من النقد جيد إذا ما استخدم بطريقة صحيحة لا تؤثر سلبًا على الشخص المقدم للعمل فيحبطه ويخزيه، فالأسلوب مهم جدًا ومراعاة الوقت والمكان أيضًا مهم جدًا، جميل أن يعطي الإنسان مما علمه الله عز وجل والأجمل أن يكون متواضعًا وغير متعالٍ ومتكبر على الأخرين. فالعمل الصالح وإن كان صغيرًا يرفع شأن الإنسان، وإن النقد البناء والإيجابي من أشخاص متمكنين في المجال نفسه يعد مفيدًا جدًا للتقدم والتعلم بطريقة سريعة وخاصة مع الأشخاص الذين عندهم القابلية ويتقبلون النقد من الأخرين. فالإنسان يشعر بالأخرين ويحس بمن حوله ودائمًا نرى البعض من المقدمين للأعمال الثقافية أو الدينية في المجتمع وبوجود الجمهور أو الجمع الغفير من الناس تطرأ عليهم دلالات من الخوف والرهبة والارتباك، وهذا أمر طبيعي جدًا خاصة في البدايات فتتلاشى هذه الظاهرة شيئًا فشيئًا حتى يمتلك الإنسان الجرأة ويختفي منه الخوف.
إن لكل إنسان وجهة نظر وذوق مختلف عن الأخرين، والبعض لدية حصيلة من الثقافات والعلوم العلمية والدينية والمعارف والأفكار واطلاعات في مجالات مختلفة، ولكن قد تكون غير مكتملة أو غير ممتدة لمجالات أخرى من الثقافة والعلوم وهذا أمر طبيعي جدًا، ونحن حين ننتقد الأخرين يجب أن يكون انتقادنا لهم انتقاد بناءً وإيجابيًا ويجب أن يكون قائمًا على أسس ومفاهيم صحيحة المصدر وغير منافية للحقيقة فلا أنتقد وأنا غير متأكد من المصادر الصحيحة. فالمسألة ليست مجرد حب انتقاد لأن الانتقاد بذاته مُحبط للعمل، كما يجب أن يكون دور المتذوق للعمل هو التشجيع والتوجيه لمقدم العمل ليتخطى العقبات التي تواجهه لا النقد العلني السلبي الذي له أعراض سلبية ومحبطه.
لم يُخلق الإنسان عالمًا وعارفًا لكل شيء إنما هو متعلم يصيب ويخطئ فيتطور مع الوقت ليصبح متعلمًا جيدًا ومتقنًا. لطالما سمعنا القراء والمؤذنين في المساجد وعندهم بعض الأخطاء أو غير متقنين فهل نحبطهم ونحرمهم الأجر والثواب أم نشاركهم الأجر والثواب ونغدق عليهم مما عُلمنا إن كنا أصحاب علم ومعرفة؟
في الختام
ما أجمل العمل المُتقن وما أجمل الكلمة الطيبة والأخلاق الرفيعة التي ترتقي بالإنسان وترفع من شأنه وتعطيه الثقة بالنفس وتعزز له ولا تحبطه وتقلل من شأنه، وإني أتمنى من كل إنسان ينتقد شخصًا آخر أن يقدم عمله تطوعًا وخالصًا لوجه الله عز وجل , أن يسأل نفسه: هل أنا قادر وأستطيع أن أقوم مقام هذا الشخص وأؤدي عمله بشكل أفضل منه؟ وهل أمتلك الجرأة على أداء العمل بإتقان؟




