بشائر المجتمع

في مجلس الزهراء الثقافي.. الولادة المبكرة… مخاطر ونجاة

زينب المطاوعة : الدمام

شهد مجلس الزهراء الثقافي ضمن فعاليات دورته الحادية والثلاثين، حيث قُدّمت المحاضرة الرئيسية الخامسة عشرة بعنوان «حقائق صادمة عن طب الأطفال حديثي الولادة»، ألقاها استشاري طب الأطفال حديثي الولادة الدكتور عباس موسى العمران، وسط حضور من المهتمين بالشأن الصحي والأسري.

استهل الدكتور العمران حديثه بالتعريف بتخصص طب الأطفال حديثي الولادة (Neonatology)، مشيرًا إلى أنه من التخصصات الدقيقة التي يعمل أصحابها داخل أقسام العناية المركزة والحضانات، بعيدًا عن أعين الناس، ولا يطّلع عليه المجتمع إلا عند مواجهة مشكلة صحية لدى المولود.

وبيّن أن الطفل حديث الولادة يُعرّف طبيًا بأنه من لم يتجاوز عمره 28 يومًا، بينما قد يبقى الأطفال الخدّج لأسابيع وربما شهور في الحضانة حتى اكتمال نموهم.

ثم تحدث عن الولادة المبكرة والطفل الخديج حيث أوضح العمران أن 10% من الأطفال عالميًا يولدون قبل الأسبوع 37، وأن الولادة المبكرة تعدّ السبب الأول لوفيات حديثي الولادة، واستعرض قصصًا مؤثرة لأطفال ولدوا بوزن لا يتجاوز 200–400 غرام، وتمكنوا من النجاة بفضل التطور الكبير في الرعاية الطبية، كما أكد أن كل يوم إضافي في رحم الأم يُحدث فارقًا كبيرًا في فرص النجاة ونمو الرئتين والدماغ وباقي الأعضاء.

وانتقل الدكتور العمران بعد ذلك للحديث عن تاريخ الحضانات، مبينًا أنها بدأت بصناديق خشبية تُدفأ بالفحم، ثم تطورت تدريجيًا لتصبح وحدات متقدمة تضم: أجهزة تنفس دقيقة، مضخات تغذية، مراقبات مستمرة للعلامات الحيوية، قساطر شديدة الحساسية للسوائل والأدوية، وأشار إلى أن هذا التطور غيّر جذريًا في معدلات بقاء الأطفال الخُدّج على قيد الحياة.

كما تطرّق إلى أبرز المشكلات التي يواجهها الأطفال في الأيام الأولى، ومنها: صعوبات التنفس، التشوهات الخلقية، الالتهابات البكتيرية، الاضطرابات العصبية، استسقاء الدماغ، اضطرابات كيماويات الدم.

وعرض بعض القصص الواقعية التي مرّت عليه خلال عقود من العمل، مجسّدًا حجم التحديات التي يخوضها الأطباء داخل الحضّانات.

وقد خصّص الدكتور العمران جزءًا مهمًا للحديث عن اليرقان الوليدي (الصفار)، محذرًا من الاعتقاد بأنه حالة بسيطة دائمًا، وقد استعرض قصة طفل أصيب بإعاقة دائمة بعد أن تمسكت أسرته بوصفات شعبية، ما تسبب في ارتفاع مستوى الصفار إلى درجة خطيرة أدت إلى تلف في الدماغ.

وأكد العمران أن: 60–70% من الأطفال يصابون بالصفار بدرجات متفاوته، 10% فقط يحتاجون لعلاج، وإن الإهمال أو التأخر في تلقي الرعاية هو الخطر الحقيقي، كما إن الحالات الشديدة قد تؤدي إلى إعاقة دائمة أو وفاة.

وتعمّق الدكتور في الشرح بأن الصفار يُعالج فقط بطرق طبية مخصصة، وأن التعرض للشمس أو استخدام المصابيح المنزلية لا يمتلك أي فعالية علاجية.

ثم انتقل بعدها للحديث عن التحولات الكبرى التي تحدث في جسم الطفل فور ولادته، ومنها: انتقال الدورة الدموية من الاعتماد على المشيمة إلى العمل الذاتي، بدء الرئتين بالعمل لأول مرة، ضرورة إبقاء الطفل دافئًا، أهمية وضع الطفل على صدر الأم لتعزيز الترابط وتنظيم دقات القلب والتنفس، ضرورة إعطاء التطعيمات الأولية وجرعة فيتامين «ك» ووصف هذه المرحلة بأنها “أكثر دقيقة حساسة في حياة الإنسان”.

وتحدث في محوره الاخير عن الرضاعة الطبيعية حيث إنها حجر الأساس لصحة المولود وأكد على الدور الحيوي للرضاعة الطبيعية في دعم: النمو العصبي، تقوية المناعة، الوقاية من الالتهابات الخطيرة، تحسين فرص النجاة لدى الخدّج، مؤكدًا أنها “ليست غذاءً فقط، بل علاجًا ووقاية ودعمًا للنمو”.

وشهدت المحاضرة نقاشًا تفاعليًا واسعًا من خلال طرح أسئلة متنوّعة، حيث جاءت ثرية بالمعلومات العلمية والقصص الإنسانية، وقد عبّر الحضور عن تقديرهم للمحتوى الثرّي الذي قدمه، ولأسلوبه المبسط الذي قرب المعلومات العلمية من المجتمع وخرجوا محمّلين بوعي أكبر بأهمية هذه المرحلة الحساسة من حياة الطفل، وبقناعة إن التوعية والرعاية المبكرة هما المفتاح لإنقاذ حياة الكثير من المواليد.

وفي ختام المحاضرة، قدّم مجلس الزهراء الثقافي درعًا تذكاريًا وشهادة تقدير للدكتور عباس موسى العمران، عرفانًا بدوره في إثراء المعرفة الطبية، ولما قدمه من معلومات علمية وتجارب ميدانية في خدمة الأطفال حديثي الولادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى