أقلام

مَرَات على طرق قوافل الحج لعبدالله الضويحي

عبدالله الرستم

نشرت الطبعة الأولى من كتاب (مرات على طريق القوافل) لمؤلفه عبد الله الضويحي عام 1447هـ (2025م)، وبلغ عدد صفحاته 126.

التعريف بالكتاب:

لا تزال طُرق الحج في الجزيرة العربية بحاجة إلى تعريف أكثر، خصوصًا مع بُعد الزمان وتغيّر وسائل النقل، وأن استخراج المعلومات عن أي طريق بحاجة إلى باحثٍ يتحرّى الدقة والعزم قبل أن يلجَ في الكتابة عن هذه المسألة، لحاجتها إلى عدة مصادر معلوماتية، مثل: الوثائق، كتب البلدان القديمة والحديثة، مقابلة كبار السن، دواوين الشعراء العرب، الرحالة وتوثيقاتهم … وغيرها من الأمور التي يتوجب توافرها لدى الباحث الجاد.

وما منطقة/بلدة (مَــرَات) إلا إحدى تلك المحطات التي استقبلت الحجّاج على مدى قرونٍ من الزمان، وتأتي محاولة الضويحي الجادة في لملمة ما يتعلق بهذه المحطة إلا دليل على أهميتها التاريخية، لما لها من دورٍ كبيرٍ في أكثر من جانب.

استعرض الباحث معلومات عن تاريخ مَرَات والذي كان لها ذكرٌ في كتب الأدب والتاريخ، حيث كانت تُسمّى في فترة ما قبل الهجرة وكذلك القرون الأولى بـ(مرأة)، حيث كان يقطنها قومٌ من بني امرئ القيس بن زيد بن مناة من تميم، فقد ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان بقوله: (ولما قُتل مسيلمة، وصالحَ مجاعةُ خالد بن الوليد على اليمامة لم تدخل (مرأة) في الصلح فسبى أهلها …)، كما ذُكرت في مصادر أخرى ذكرها المؤلف.

كما أشار المؤلف إلى وقوع اشتباه بين بلدة (القَصَب) الواقعة في الشمال الغربي من نجد (الرياض)، وبين (القصيبة) الواقعة غرب نجدٍ بالقرب من مَرَات، والتي من خلال بحث المؤلف واستعانته ببعض البلدانيين المعاصرين كالراحل عبدالله الشايع، رجّحوا أن المشار لها في بعض كتب التاريخ بـ(القصيبة) هي المكان الواقع بالقرب من مَرَات لا تلك، وذلك من خلال القرائن والبحث المستديم في هذا الشأن.

واستكمالاً لذلك فقد جمع المؤلف كل ما له علاقة من شواهد تاريخية قديمة وحديثة من أنّ مَرَات أخذت أهمية كبيرة كمحطة استراحة لقوافل الحج، خصوصاً القادمة من شرق الجزيرة العربية، مثل: حجاج عمان وقطر والأحساء والبحرين والكويت وإيران)، نظرًا لما تتمتع به المحطة من توفر الخدمات اللازمة خصوصًا في القرن الأخير، مثل: وفرة الماء، استعداد أهلها والبلدات المجاورة في العناية بالمحطة وما يجب توفيره من مستلزمات للحجاج من أكل وشرب ووقود وغير ذلك.

وقد اجتهد المؤلف في تعزيز كتابه بالوثائق المحلية الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الصور الجوية وغير الجوية التي تدلل على أهمية المنطقة كمحطة من محطات وقوف الحجاج فيها.

ورغم أن جولتي وقراءتي في الكتاب كانت بشكل سريع، إلا أني أود توثيق بعض الملاحظات التي لا تؤثر على قيمة الكتاب، ومنها:

(1) قال في الصفحة41: يقول ياقوت الحموي: ولما قُتل مسيلمة، وصالحَ مجاعةُ خالد بن الوليد على اليمامة لم تدخل (مرأة) في الصُلح فسبى أهلها …إلخ). وقد استهجن الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – ما ذهب إليه الحموي من أن مرات لم تدخل الصلح. اهـ

التعليق: لم يوضح المؤلف سبب استهجان الشيخ الجاسر!! كما أنه لم يعالج الاستهجان الذي بقي معلّقًا دون إضافة معلومة تتعلق بهذا الأمر، فهل يريد من ذلك أن أهل (مَرَات) صالحوا خالد بن الوليد حينها، أم لم يحصل صُلْح، أم أنه لم يحصل سبي أم ماذا؟!!

(2) قال في الصفحة 45: قال الشاعر:

ألم تر أن الماء يخبثُ طعمه = ولو كان لون الماءِ أبيض [صافيًا]

التعليق: سقطت كلمة [صافيًا] من الطباعة، وبسقوطها لا يستقيم وزن البيت.

(3) قال في الصفحة 47: قال المؤلف: وقد مرَّ ذكر مرات في كتاب الأصفهاني “بلاد العرب”، وهو من علماء القرن الثالث الهجري، وأيضًا عند الهمذاني في كتابه “صفة جزيرة العرب”، وهذا المؤرخان هما أقدم من تحدث عن بلاد العرب، وقد حددا موقع ومكان كل موضع مرَّ بهما اسمه.

التعليق: لم يذكر المؤلف الصفحات التي أشار لها المؤرخان ذكر موضع (مَرأة/مَرَات)، والحال ذاته تكرر في الصفحة (52) حيث ذكر معلومة وأشار في الهامش أن مصدرها (المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة) للحربي، دون أن يذكر رقم الصفحة، وصفحة (57) حيث أشار في الهامش إلى اسم الكتاب ولم يذكر رقم الصفحة كذلك!!.

(3) قال في الصفحة 53: أما طريق الحج العماني، التي يسلكها حجاج عُمان إلى المشاعر، فأحدهما يتّجه من عمان إلى يبرين، ثم إلى البحرين، ومنها إلى اليمامة، …الخ. وكتب في الهامش (الأحساء حاليًا).

التعليق: يبدو أن المؤلف اشتبه عليه الأمر، فالبحرين تُطلق على ثلاثة مناطق (هَجَر والخُط وأُوال) وليست البحرين منحصرة في الأحساء حاليًا، ولا في قديم الزمان كذلك، وأن الحجاج يخرجون من إقليم البحرين التاريخي والذي يحوي ثلاث مناطق (هَجَر (الأحساء) وَ الخُط (القطيف) وَأُوال (البحرين)، ومن المعلوم أن طريق الحج العماني يمر بالأحساء إلى هذا اليوم، إلا إذا كان يقصد بذلك التسمية التاريخية فهذا أمر ممكن.

ختامًا

بارك الله في يراعة المؤلف الذي أتحف هذه الزاوية من تاريخنا (طُرق الحج) بمعلومات ووثائق وصور تساهم في التعرف على محطة من محطات طريق الحاج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى