أقلام

ملافظك وعباراتك

أمير الصالح

بعض الكلمات والشعارات والعبارات التي نسمعها أو نقرؤها والصادرة من البعض قد تنم بعضها عن التودد للناس أو تنم البعض منها عن التبلد في الحس والغرور والاندفاع نحو التصادم عند البعض من البشر. نفكر أحيانًا ماهو منطلق ومبرر هذا الصنف او ذاك من العبارات الجميلة أو السيئة؟ أهي جذور التربية أو مركز النفوذ والسطوة أو الذكاء/ الغباء العاطفي أو سمات شخصية معينة متوارثة من المحيط أو ردة أفعال في زمن ما أو نتاج لتعرض لغسيل دماغ رقمي أو ترند سلوكي مروج في العالم الافتراضي !!!!

في بعض المحافل، نسمع البعض وبكل جرأة يقول جُمل مثل:

” أنا مزاجي كذا .. هو أنت شريكي!” ؛

“انا اللي في قلبي على لساني ولا أطق خبر لأحد !”؛ ” أنا صريح ما أعرف أجامل أحد” ؛ وعبارة ” أنا طبعي كذا ولن أتغير ” … إلخ.

عبارات مثل تلك نسمعها ونقرؤها بموضوعية عند صدورها من فتى / فتاة مراهق / ة ونعدها جرأة بحماقة أو سماجة عابرة لمراهق فنعقلها ونعيد التدقيق فيها ونغفر لقائلها أن أعتذر ولم يرجع لمثلها من الأقوال. أما إذا صدرت مثل تلك العبارات من رجل بالغ وناضج أو أب ورب أسرة أو أمرأة ذات بعل وأولاد أو جار بالغ أو مدير ذي سلطة، فإنها عبارات ليس بها صراحة بل وقاحة؛ وتنم عن إعلان عجز كامل عن تهذيب النفس وتطويعها وتطويرها ومراعاة شعور المحيط وسوء انتقاء الألفاظ.

الإنسان العاقل الرزين السويّ يتطور ويتكيف ويتغير، وينمو، ويعيد تشكيل طباعه وانتقاء ملافظه نحو الأرقى والأسمى والأفضل والمحبب للنفوس. ونهيب بأي فرد بالمجتمع أن يتبنى ذلك.

فيا من تمجد في نفسك وتعتد بعباراتك وتتمخطر بصورك وتسعى لفرض شخصك على الآخرين، خف علينا وتواضع قليلًا ولا تفتخر بوقاحتك وصلافتك وتكشف لنا عن حقيقة معدنك وقلة ورعك وبذاءة لسانك وضحالة ذكائك الاجتماعي. فإن كثرة الاستعداء على الآخرين يبدد أقوى قوي.

قد نقيل ونعذر من تعرض لظلم أو تنمر في التعبير عن ذاته من باب (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) سورة النساء، آية 148. ومن شيم أهل المروءة الوقوف مع المظلوم بالقدر المتاح والممكن والأفضل عن الظالم وأفعاله.

مجالس ليالي الشتاء على الأبواب حيث السمر والالتفاف حول أجهزة التدفئة وتناول أطراف الأحاديث مع الأخلاء والأصدقاء والجيران والإخوان. ونتذكر من تجارب مسموعة ومنقولة، كم من مجلس وديوانية ولقاءات أسرية انفضت بسبب كلام غير موزون وعبارات غير لبقة صدرت من إنسان غير متزن بعنوان أنه صريح/ جريئ/ ما يطق خبر لأحد، والأجدر أن يتعلم الإنسان قبل ذهابه لأي مجلس / ديوانية / رحلة : متى يسأل وكيف يتحدث وأي العبارات يختار لينجح لقاؤه بالآخرين ويكسب ثقتهم ويحد من تدخله في شؤونهم الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى