
جيهان البشراوي: القطيف
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار على مركزية دور الأمومة في حياة المرأة، باعتباره أولوية لا تتعارض مع أدوارها الأخرى ولا تقل أهمية عنها، مشددًا على ضرورة إعادة الاعتبار لهذه القيمة في ظل التحديات الثقافية المعاصرة.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة التي ألقاها سماحته في مسجد الرسالة بمحافظة القطيف، بعنوان «قيمة الأمومة في سيرة الزهراء»، حيث دعا إلى تسليط الضوء على سيرة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في جانب الأمومة، وكيف صنعت بتربيتها، وفي ظل ظروف صعبة، نماذج خالدة في العظمة والمجد.
وأوضح أن من أبرز تجليات فضل ومكانة سيدة نساء العالمين (عليها السلام) قيامها بدور الأمومة بأعلى درجات الإخلاص والتميز، مشيرًا إلى أن الله تعالى اختارها لتكون أم العترة النبوية الطاهرة، وانحصرت ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نسلها المبارك.
وبيّن أن الأمومة تُعد أعلى مهمة وأرقى وظيفة في المجتمع البشري، لارتباطها بصناعة الإنسان وبناء شخصيته، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، لافتًا إلى أن الأبناء يمثلون امتداد وجود المرأة ومعقد أملها، ومن خلالهم تسهم في إعمار الحياة واستمرار النسل البشري.
وأشار الشيخ الصفار إلى أن تربية الأبناء تربية صالحة، ووصولهم إلى مواقع قيادية في المجتمع، يمثل مصدر فخر وعز للأم، وتنال من خلاله عظيم الأجر والمثوبة من الله تعالى.
وانتقد سماحته تأثير الحضارة الغربية المادية التي روّجت لثقافة العزوف عن الإنجاب، وسعت لإضعاف دور الأمومة عبر سياسات تنظيم النسل، والتي تبنتها دول عدة منذ ستينات القرن الماضي، قبل أن تتكشف آثارها السلبية على المجتمعات.
وأوضح أن العالم بدأ يجني نتائج مقلقة لهذه السياسات، مع تراجع معدلات الخصوبة وشيخوخة المجتمعات في عدد من الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا والبرتغال، مما دفع بعضها اليوم لتشجيع الإنجاب وتقديم الحوافز للأسر.
وحذّر من تسلل هذه الثقافة إلى المجتمعات الإسلامية، عبر إقناع المرأة بأن قلة الإنجاب تحافظ على جمالها وتمنحها مزيدًا من التفرغ للعمل والرفاه، منبهًا إلى تراجع معدل الخصوبة في دول الخليج إلى 1.8، وهو أقل من معدل الإحلال السكاني العالمي.
ودعا الشيخ الصفار إلى العودة للثقافة الإسلامية الأصيلة المتوافقة مع الفطرة والقيم الإنسانية، مستشهدًا بحديث النبي (صلى الله عليه وآله): «تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم».
كما شدد على أهمية سنّ القوانين والتشريعات التي تمكّن المرأة من أداء دورها في الأمومة إلى جانب أدوارها الوظيفية، من خلال توفير إجازات كافية، وفرص عمل مرنة، ودور حضانة، ودعم مالي للأسر عند زيادة عدد الأبناء.




