منبر بشائر

الشيخ صالح آل إبراهيم: الزهراء نموذج راقٍ للمراعاة والرفق في الحياة الزوجية

جيهان البشراوي: القطيف

أكد سماحة الشيخ صالح آل إبراهيم أن سلوك المراعاة يُعد من أرقى القيم الأخلاقية وأهم الركائز في بناء الحياة الزوجية المستقرة، مستشهدًا بسيرة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كنموذجٍ خالد يُحتذى به في التفهم والرفق وحسن التعامل مع الزوج.

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي تناول فيها سماحته حادثة وردت في سيرة الإمام علي (عليه السلام) والسيدة الزهراء (عليها السلام)، موضحًا أن هذه الحادثة تكشف جانبًا عظيمًا من سلوك المراعاة الذي كانت تتحلى به الزهراء تجاه زوجها، وما يحمله هذا الخلق من دلالات عميقة في إنجاح العلاقة الزوجية.

وبيّن أن المراعاة تعني الاهتمام بالشريك، وملاحظة ظروفه واحتياجاته، والتصرف بما يتناسب معها دون إلحاق أذى أو حرج أو ضغط نفسي، مؤكدًا أن هذا السلوك يقوم على التفهم والتقدير واحترام مشاعر الآخر، وهو مطلوب من الزوج والزوجة على حد سواء، لما له من أثر مباشر في تحقيق الانسجام والمحبة والاستقرار.

وأوضح الشيخ آل إبراهيم أن الحاجة إلى المراعاة ليست ترفًا، بل ضرورة ملحّة، لعدة أسباب، من أبرزها اختلاف الطبائع بين الرجل والمرأة على مستوى البنية الجسدية، والتفكير، والصفات النفسية، والتنشئة والتربية، الأمر الذي قد يولد صعوبات وخلافات إذا غاب التفهم المتبادل. وأضاف أن تجسيد سلوك المراعاة كفيل بتقليل التوترات والحفاظ على الانسجام الأسري.

وأشار إلى أن الضغوط اليومية الناتجة عن العمل، أو الأعباء المادية، أو مسؤوليات البيت وتربية الأبناء، قد تولد توترًا نفسيًا لدى الزوجين، وهنا تبرز أهمية وجود شريك يراعي ظروف الآخر، ويوفر له الشعور بالراحة والأمان والدعم.

وأكد أن المراعاة تسهم في تعزيز الأمان والاستقرار العاطفي، والتقليل من حدة الخلافات، وتحويل المواجهة إلى حوار إيجابي وبنّاء، لافتًا إلى أن من صور المراعاة المطلوبة بين الزوجين: اختيار الكلمات اللطيفة، تفهم الإرهاق الجسدي والنفسي، مراعاة الوضع الصحي، عدم تحميل الطرف الآخر ما يفوق طاقته، وتلبية الاحتياجات العاطفية والجسدية باحترام وتقدير.

كما شدد على أهمية مراعاة الفروق الفردية في الطباع وطرق التفكير والتواصل والتعبير عن الحب، وتقدير الجهود مهما كانت بسيطة، وتقاسم المسؤوليات بشكل عادل، مع تقديم الدعم والمساندة عند الحاجة.

واستشهد سماحته بعدد من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) التي تؤكد آثار الرفق والمراعاة، منها قول الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا رزقهم الرفق في المعيشة وحسن الخلق»، وقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) في بيان حقوق الزوجة: «فتكرمها وترفق بها».

وختم الشيخ صالح آل إبراهيم بالتأكيد على أن سيرة السيدة الزهراء (عليها السلام) في تعاملها مع أمير المؤمنين (عليه السلام) تمثل قمة الرفق والمراعاة، وتجسيدًا عمليًا لخلقٍ إيماني راقٍ، يجعل من الحياة الزوجية سكنًا ومودة ورحمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى