
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
بمجرد ولادة طفل مصاب بمتلازمة داون، يرغب الوالدان غالبًا في معرفة مدى تطور قدرات طفلهما الوظيفية، بحسب برايان سكوتكو، الأستاذ المشارك في طب الأطفال بكلية الطب بجامعة هارفارد: “لدينا الآن علامات إرشادية تجيب على هذه الأسئلة.”
تتناول المقالة دراسة جديدة تُسلط الضوء على تطور القدرات الوظيفية لدى المصابين بمتلازمة داون. وقد وجدت الدراسة أن معظم المصابين بمتلازمة داون يستطيعون المشي ببلوغهم سن الـ 25 شهرًا، والكلام بطلاقة معقولة ببلوغهم 12 عامًا، والعمل والعيش باستقلالية في سن 20 عامًا، حيث يستطيعون العناية بأنفسهم من أكل وملبس ونظافة شخصية، كما يستطيعون السفر لوحدهم وحتى العمل على مهام ووظائف معينة.
يقول برايان سكوتكو Brian Skotko، الأستاذ المشارك في طب الأطفال بكلية الطب بجامعة هارفارد: “بمجرد ولادة طفل (ذكر أو أنثى) مصاب بمتلازمة داون، غالبًا ما تكون لدى والديه رغبة في معرفة مدى تطوره الذهنية ونمو البدني (قدراته الوظيفية). والآن أصبحت لدينا مؤشرات إرشادية تجيب على تلك الأسئلة.”
دراسة جديدة فصّلت تطور المهارات أو القدرات الوظيفية وفقًا لسن المصاب بالمتلازمة
عندما يعلم الوالدان المُنتظران ولادة طفلهما أنه سيولد مصابًا بمتلازمة داون، تنتابهما حتمًا تساؤلات حول ما يعنيه هذا التشخيص لابنهما أو لابنتهما ولجميع أفراد الأسرة. متى سيتمكن طفلهما من المشي، والكلام بوضوح، وقيامه مستقلًا بتلبية احتياجاته الأساسية والخاصة؟ هل سيتمكن من العمل، والعيش والسفر باستقلالية؟ تُقدّم دراسة جديدة أجراها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام للأطفال (MGHfC) وزملاؤهم من هولندا إجابات على بعض هذه التساؤلات.
يقول برايان سكوتكو Brian Skotko، رئيس قسم متلازمة داون في مستشفى ماساتشوستس العام (MGH)، ومدير برنامج متلازمة داون في مستشفى ماساتشوستس العام (1)، والمؤلف الرئيس للدراسة المنشورة في المجلة الأمريكية لعلم الوراثيات الطبية الجزء أ (2): “يختار الكثير من أولياء أمور هؤلاء الأطفال إجراء فحوصات ما قبل الولادة أثناء فترة الحمل، وإذا علموا بإصابة الجنين بمتلازمة داون، فإنهم يرغبون في معرفة إجابات واقعية على مثل هذه الأسئلة.” وأضاف: “بعكس بعض ما يعتقده الناس، فإن المصابين بمتلازمة داون لا يتوقفون عن التعلم (تطوير قدراتهم الوظيفية) أبدًا، ويمكن الاستمرار في اكتساب المهارات (القدرات) الوظيفية وتحسينها حتى مرحلة الرشد (20 سنة وأكبر.”
بالرغم من أن دراسات سابقة تناولت تطور قدرات معينة لدى المصابين بمتلازمة داون، إلا أن معظمها كان محدود النطاق، واقتصرت بعضها على دول قد تعيق خدمات الدعم المحدودة فيها من وصول هؤلاء الأطفال إلى إمكاناتهم وقدراتهم الذهنية والبدنية. تجمع الدراسة الحالية نتائج استبانات رأي أُجريت على أكثر من 2600 عائلة في الولايات المتحدة وهولندا.
في الولايات المتحدة، طُلب من أولياء الأمور من خلال استبانة أُرسل اليهم بين عامي 2008 و2009 إلى عائلات منتسبة إلى ست منظمات غير ربحية معنية بمتلازمة داون في أنحاء البلاد، تقييم القدرات الوظيفية لأطفالهم في 11 مجالًا، شملت المشي، والأكل، والكلام، والعناية الشخصية / النظافة، والقراءة، والكتابة، وإعداد وجبات طعامهم، والعمل، والالتقاء بالأقران، والسفر بشكل مستقل، والعيش باستقلالية. كما سُئلوا عما إذا كان طفلهم يعاني من مشكلات صحية كبيرة (السكري وأمراض القلب والتنفس والسرطان والسكتات الدماغية، مثلًا) أو صعوبات تعليمية / تعلّمية. وتم تطبيق الاستبانة نفسها – مع بعض الاختلافات الطفيفة بسبب مشكلات الترجمة من الإنجليزية إلى الهولندية – عبر الإنترنت في منتصف عام 2016 على عائلات اختبارات بواسطة مؤسسة متلازمة داون الهولندية. بالنسبة للمجموعتين، تراوح سن أفراد العائلة المصابين بمتلازمة داون بين أقل من 5 سنوات وأكثر من 40 سنة، حيث كان أكثرهم من الفئات الأصغر سنًا.
خلافًا لبعض المعتقدات الشائعة، لا يتوقف المصابون بمتلازمة داون عن تطوير قدراتهم الوظيفية (التعلم)، ويمكنهم اكتساب القدرات الوظيفية وتحسينها حتى في مرحلة الرشد. بحسب برايان سكوتكو
من منظور مراحل تطور القدرات الوظيفية الرئيسة، أفادت النتائج بأن معظم المصابين بمتلازمة داون في الولايات المتحدة يستطيعون المشي ببلوغهم 25 شهرًا، والكلام بطلاقة معقولة ببلوغهم 12 عامًا، والاعتناء ينظافتهم الشخصية ببلوغهم 13 عامًا، والعمل باستقلالية ببلوغهم 20 عامًا. وببلوغهم 31 عامًا، يستطع 49% منهم القراءة بطلاقة معقولة، ويستطيع 46% الكتابة بسلاسة معقولة، ويستطيع 34% العيش باستقلالية، ويستطيع نحو 30% السفر بمفردهم. وقد أبلغ أولياء أمور هولنديون عن نتائج مماثلة إلى حد كبير. في كلتا المجموعتين، كانت صعوبات التعلم أكثر شيوعًا من المشكلات الصحية، وازدادت الإفادات عن وجود مشكلات صحية خطيرة لدى المصابين بمتلازمة داون مع تقدمهم في السن.
قال سكوتكو، الأستاذ المشارك في طب الأطفال بكلية الطب بجامعة هارفارد: “لدينا الآن معايير إرشادية – تستند إلى إفادات آلاف العوائل – يمكن أن تساعد الأطباء على معرفة متى ربما يتأخر الأطفال المصابون بمتلازمة داون عن أقرانهم المصابون بنفس المتلازمة في تطوير قدراتهم الوظيفية، ومتى، عند الضرورة، يحتاجون إلى إحالة أولياء الأمور إلى خدمات دعم وموارد وعلاجات إضافية.” وأشار أيضًا إلى أن التطورات الأخيرة في الدعم الاجتماعي والتعليمي والطبي للمصابين بمتلازمة داون من شأنها أن تؤدي إلى تحسن أفضل في اكتساب القدرات الوظيفية.
وأضاف سكوتكو: “هنا في الولايات المتحدة، رُفعت دعاوى قضائية تتعلق بـ”الولادة الخاطئة (رفع دعوى قضائية في المحاكم من قبل الأبوين ضد الطبيب أو الجهة الصحية للفشل في إخبارهما بوجود عيب خلقي أو جيني في الجنين” و”الحياة الخاطئة (دعوى قضائية من قبل المعاق أو المصاب بأن الطبيب لم يحذر والديه بمشكلاته الصحية وهو جنين، ما منعهما من اتخاذ قرار بانهاء الحمل وإسقاط الجنين حينها، والمطالبة بتعويضات عن الحياة الصعبة التي يعيشها،” وهذه الدعوى عادةً ترفع إما من قبل والدي الطفل المصاب بمتلازمة داون أو نيابةً عن الأطفال المصابين أنفسهم، بدعوى أنهما لم يحصلا على معلومات تُمكّنهم من إنهاء الحمل، أو أن الطفل يعيش حياةً مليئة بالمعاناة. وتتمحور هذه الدعاوى، التي تتصدرعناوين الأخبار، حول أسئلة أساسية، مثل ماذا يُمكن أن نتوقعه بشكل مقبول من مصاب بمتلازمة داون. ينبغي أن تتمحور هذه النقاشات حول معلومات دقيقة، لا عن تكهنات جامحة وقديمة أكل عليها الدهر وشرب، ونأمل أن يُساعد بحثنا في تقديم إجابات أوضح على هذه الأسئلة.”
الهوامش
1- https://www.massgeneral.org/children/down-syndrome
2- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1002/ajmg.a.61004
المصدر الرئيس




