أقلام

المطر رسالة الرحمة

أحمد الخرمدي

بدأت علاقة الإنسان بالمطر منذ أن خُلق على الأرض واستعمرها، حين ربط حياته بالأمطار من أجل العيش، فكان يبحث عن أماكن الماء حين يتأخر نزول المطر من أجل الأعشاب والثمار له ولإبله واغنامه ويشعر بالإحباط إذا تأخرت الأمطار، فيراقب السماء ليرى الغيوم فيشعر بالطمانينة والسلام من ناحية مأكله وماشيته.

كما يعد المطر في مجتمعنا وخاصة في الزمن الجميل لأجدادنا وكأنه رحلة استجمام يستمتعون فيها بمائه وصوته وأيضًا رائحته التي تريح النفس كما تقوم البعض من جداتنا بجمع المطر لشربه، وحتى لوقت قريب من زمن أعمارنا ونحن صغار مع الأصدقاء، كنا نسبح في تجمعات الأمطار حيث كان نقاء التربة من شوائب ما عليه الآن، ونجد في ذلك متعة وسعادة لا توصف.

فسبحان من جعل في المطر لخلقه حياة، عطاء إلهي ورحمة لا تنقطع، فالغيث رسالة من السماء، تتنزل فيها كل شفاء، سكينة للقلوب، ومع قطرات المطر تتجدد الذكريات الجميلة، تعيدنا يوم كنا صغارًا، عندما تزداد فرحتنا مع نزول المطر، تلك الأيام، أيام الطفولة الحلوة، نلعب ونركض، نضحك ونمرح، نتسابق جريًا في الأزقة الضيقة بين البيوت القديمة، ومع خوفنا الشديد، من صوت الرعد وشدة البرق، ألا أننا نحمل في قلوبنا الشجاعة، نقضي أجمل الأوقات من الفرح والمرح، يوقظ المطر بداخلنا صدق المشاعر البريئة، الحب والطمأنينة والراحة، القرب من أهالينا وأصدقائنا، أصدقاء الطفولة والصبا.

هذه الأيام ومع بداية فصل الشتاء والأمطار الجميلة، وهذه اليالي شديدة البرودة، تتجه القلوب إلى السماء شكرًا وإمتنانًا لله عز وجل، على نعمه والتي لا تحصى ولا تعد، رفع الأكف بالدعاء أن يجعل هذا الغيث مباركاً، فيه إحياءّ للأرض، وتخفيفًا للنفوس من أعباء الحياة، أن يجعل الله سبحانه وتعالى فيه الخير، يمسح به ما في القلوب من هموم وقلق وتعب الأيام، أن يمنً الله علينا من كرمه وفضله، يقربنا نحن عباده لبعضنا البعض، يزرع فينا قيم التسامح والمحبة والألفة والأخاء، يجدد الله في نفوسنا مشاعر الرحمة، ويعم الخير والأمان على العباد وينشر الطمأنينة والمحبة وكل السلام، ومن أياته، خالق السموات والأراضين في نزول المطر قال تعالى:

{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ}

﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾

{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى