أقلام

لغتنا تستحق أن نحميها

أمير بوخمسين

أن ما نشهده اليوم في مدارسنا وبيوتنا ومؤسساتنا يجعل اللغة العربية في مواجهة تحدٍّ غير مسبوق. إذ أن المشكلة لم تعد في ضعف المناهج أو قلة القراءة فقط، بل في تلك النظرة المجتمعية التي تقلل من شأن اللغة الأم، وتقدم اللغات الأجنبية عليها، حتى أصبح العربي يشعر بأنه يحتاج إلى الاعتذار حين يتحدث بلغته في فضاءات عربية خالصة. أو حتى في منصات تناقش الشأن العربي.. لسنا ضد تعلم لغات العالم، ولا ضد الانفتاح، فالزمن يفرض علينا أن نتقن لغات أخرى. لكن الخطأ أن يتم ذلك على حساب لغة القرآن، الوعاء الأكبر لثقافتنا عبر التاريخ.

إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تراجع لغوي، بل شرخ في العلاقة الطبيعية بين العرب ولغتهم.

المجتمع يتحمل جزءًا من هذه المسؤولية، حين يربي أبناءه على أن العربية غير مهمة أو لا تفيد.

والبيوت تتحمل جزءًا آخر حين تتعمد الحديث بلغات أجنبية أمام الأطفال كنوع من المباهاة.

والمدارس تتحمل مسؤولية أكبر، باعتبارها المكان الأول الذي يجب أن يمنح الطالب علاقة سليمة مع لغته، قراءة وكتابة وحديثًا، لا حفظًا جافًا لا يترك أثرًا.

والمؤسسات تتحمل مسؤولية لا تقل خطورة، حين تُقصي اللغة العربية من أنظمتها الداخلية أو واجهاتها العامة، وكأنها لغة ثانوية، إن الدفاع عن العربية ليس دفاعًا عن قواعد أو نحو، بل عن كيان كامل.

تعزيز الاهتمام باللغة يمكن أن يتم بعدة طرق تدعم التعلم والتفاعل مع اللغة بطريقة مريحة وممتعة. وهنا بعض الأفكار:

1- القراءة: تشجيع القراءة من خلال اختيار كتب مثيرة للاهتمام، قصص قصيرة، أو مقالات. ويمكن أن تكون القراءة مشتركة بين الأهل والأطفال.

2- المحادثات: إجراء محادثات في مواضيع متنوعة يشجع على استخدام اللغة بشكل يومي. يمكن تنظيم جلسات حوارية عائلية.

3- الألعاب اللغوية: استخدام ألعاب الكلمات المتقاطعة، الألغاز، أو الألعاب الإلكترونية التعليمية التي تعزز المفردات والمهارات اللغوية.

4- الكتابة: تشجيع الكتابة من خلال كتابة اليوميات، القصص، أو الرسائل. يمكن أن تكون المسابقات الكتابية طريقة ممتعة لتحفيز الإبداع.

5- الاستماع: مشاهدة الأفلام، البرامج التلفزيونية، أو الاستماع إلى البودكاست المفضلين باللغة المستهدفة.

6- التفاعل مع المجتمع: الانضمام إلى نوادي الكتب، أو المجموعات اللغوية حيث يمكن للأفراد التحدث وممارسة اللغة مع الآخرين.

7- تطبيقات تعليمية: استخدام التطبيقات التعليمية التي تساعد على تعلم اللغة بطريقة تفاعلية وماتعة.

8- الفنون: دمج اللغة مع الفنون مثل المسرح والدراما، حيث يمكن للأفراد التعبير عن أنفسهم بطريقة إبداعية.

باستخدام هذه الطرق، يمكن تعزيز الاهتمام باللغة وتحفيز المهارات اللغوية بشكل فعال. ويتم ربط الأمم بتاريخها وهويتها. وليس من المقبول أن نصبح غرباء في بلادنا لأننا تخلينا طوعا عن لساننا.

والحلول ليست معقدة.

يمكن للبيوت أن تعيد للأطفال علاقة طبيعية بالعربية عبر القراءة اليومية والحوار بها. ويمكن للمدارس أن تحول اللغة العربية إلى مهارة حية تستخدم، وليس مادة تختبر فقط.

ويمكن للمؤسسات أن تلتزم باستخدام اللغة العربية في وثائقها وتقاريرها وإعلاناتها، مع احترام حاجة العصر إلى اللغات الأخرى. كل التحية والتقدير لمجمّع الملك سلمان للغة العربية، بارك الله في جهود القائمين ووفقهم الله لكل خير لخدمة أمتنا العربية والإسلامية..

أما الإعلام، فمسؤول عن تقديم لغة عربية سليمة وقريبة من الناس، لا متكلّفة ولا مهملة. ولا مبتذلة. إن لغتنا تستحق أن نحميها، لأنها أساس بقائنا كأمة لها صوت، ولها تاريخ، ولها حق أن تظل حاضرة في مستقبلها كما كانت حاضرة في ماضيها، ولنا الحق كأمة عربية ان نعتز ونتباهى باننا نتحدث لغة القرآن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى