منبر بشائر

157 حالة طلاق يوميًا.. الشيخ الصفار يدعو لإحياء ثقافة المودة والرحمة

جيهان البشراوي: القطيف

أكد سماحة الشيخ حسن الصفار أن استقرار الأسرة وسعادتها لا يمكن أن يتحققا إلا بالارتكاز على ركيزتين أساسيتين جعلهما الله تعالى أساس العلاقة بين الزوجين، وهما: المودة والرحمة، معتبرًا أنهما صمّام أمان الأسرة وسرّ الاستقرار وطريق السعادة الزوجية.
وأوضح سماحته أن الزواج يقوم على التكامل والانسجام بين الرجل والمرأة، ليكون كل منهما مصدر سكنٍ وأمانٍ نفسي وروحي للآخر، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، مؤكدًا أن الحفاظ على هذا الكيان الإنساني من التفكك يتحقق عبر تفعيل المودة والرحمة عمليًا في السلوك اليومي، لا بالاكتفاء بالشعارات أو المشاعر المجردة.

وحذّر الشيخ الصفار من تنامي النزعة الذاتية الأنانية التي تُضعف مشاعر المودة وأحاسيس العطف والرحمة داخل الأسرة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المشكلات والأزمات الزوجية المتصاعدة لدى بعض أبناء هذا الجيل تعود إلى ضعف التركيز على هذا البعد في ثقافة الحياة الزوجية.

واستشهد بإحصائيات تُظهر تسجيل أكثر من 57,595 حالة طلاق في المملكة، بما يعادل 157 حالة يوميًا، وبمعدل حالة طلاق واحدة كل تسع دقائق، داعيًا إلى وقفة جادة لمعالجة الأسباب وتعزيز قيم الاستقرار الأسري.

وتوقف سماحته عند دلالة اختيار القرآن الكريم لمصطلح «المودة» بدلًا من الحب، موضحًا أن المودة هي المحبة المُعلنة والمترجمة إلى أفعال وسلوك، وهو ما تحتاجه الحياة الزوجية لتستمر وتزدهر، مستشهدًا بالنصوص الدينية التي تحث على إظهار المشاعر الإيجابية بين الزوجين قولًا وعملًا.

وبيّن أن للتراحم بين الزوجين تجليات عدة، أبرزها الدعم والمساندة في المشكلات والأزمات الشخصية كالأمراض والصدمات العاطفية والأزمات النفسية، مؤكدًا أن شريك الحياة هو الأقرب والأولى بتقديم العون. كما أشار إلى أهمية المشاركة في تحمّل أعباء الحياة الزوجية والمسؤولية العائلية، داعيًا الزوجة إلى مراعاة ظروف زوجها الاقتصادية، وتقليل النفقات ومساندته ماليًا إن استطاعت، ومحذرًا من إرهاقه بالطلبات الكمالية دون اعتبار لظروفه.

وفي المقابل، دعا الأزواج إلى مساندة زوجاتهم في أعباء تربية الأبناء وخدمة المنزل، منتقدًا تحميل بعض الأزواج زوجاتهم فوق طاقتهن وعدم العذر عند أي تقصير، واصفًا ذلك بأنه مظهر للقسوة وغياب لخلق الرحمة.

ونبّه الشيخ الصفار إلى خطورة التركيز على السلبيات وتجاهل الإيجابيات في شريك الحياة، مؤكدًا أن المفاتيح الحقيقية للسعادة الزوجية تكمن في تحمّل نقاط ضعف الطرف الآخر وإعانته على تجاوزها.

وختم بالتأكيد على أن سعادة الحياة الزوجية لا تُبنى بفرض الأنظمة أو التشبث بالحقوق، بل بسيادة روح المودة والرحمة، وتنمية ثقافة العطاء والإيثار، داعيًا إلى ترسيخ هذه القيم عبر الخطاب الديني، والمناهج التعليمية، ووسائل الإعلام، والتنشئة الأسرية؛ حمايةً للأسرة واستقرارًا للمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى