إيحاءات قرآنية ٧

سيد أمير العلي
ساحات الدفاع عن الدين والمجتمع الإسلامي متعدّدة، ومتكاملة فيما بينها، واهتمام المؤمنين ببعض هذه الساحات التي يكون فيها العدوّ المواجه واضحاً ظاهراً لا ينبغي أن يشغلهم عن الساحات الجهادية الأخرى، والإعداد لها، سيّما في مجال الفكر الذي بإمكان التفريط فيه أن يجعل الجهود الكبيرة المبذولة في غيره تذهب هدراً، وتتلاشى آثارها، ربّما في أقلّ امتحان عابر.
إنّ أجواء التفاعل المباركة التي تخلقها انتصارات المؤمنين في ميادين الجهاد، تؤدّي دوراً جبّاراً في تعزيز الشعور بالانتماء إلى الهوية الإيمانية، وتغيّب تفاصيل الاختلاف فيها إلى حدّ بعيد، لكنّ هذه الأجواء لا تدوم، إذ ينتقل المجتمع بطبيعته من نوع من التهديدات إلى أنواع أخرى، قد تحصل الغفلة عنها؛ بسبب شعور أفراد المجتمع بالأمان، بعد ما شهدوه من انتصارات على التهديدات السابقة.
ومن هنا تتبيّن أهميّة إعداد المتخصّصين -بجدارة وعمق- في الفكر الديني، بجميع مجالاته المتنوّعة غير المحصورة في الفقه بمعناه المتبادر، أو غيره، إعداداً لا يهمل الغاية منه، وهي القدرة على تبليغ قيم الدين، والتعامل بجدّية واحترافيّة مع كلّ ما يهدّد حضوره الفاعل في المجتمعات المتديّنة، وقدرته المتنامية على التأثير في زمن التحوّلات الكبرى والمتلاحقة.
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً،فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ؛ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ،وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ؛ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)
سورة التوبة؛ ١٢٢