أقلام

أحدث إصدارات المكتبة

أمير الصالح

لو سألت فتى أو فتاة من أبناء الجيل الحالي عن أشهر مكتبة في مدينتهم لما اختلفت الإجابات عن ذكر مكتبة محددة على أنها الأشهر والأكثر استقطابا لهم. وعندما تذهب إلى فروع تلكم المكتبة في مدن عدة لتتحقق من أسباب ترشيحها وذياع صيتها، تتفاجأ أن الشباب والفتيات ينكبّون ويتحلقون حول آخر إصدارات أجهزة الاتصال الذكي وأجهزة الحواسيب وألعاب البلايستيشن،
وحقائب المدارس،
وقرطاسية الدفاتر في تلك المكتبة، ولا يقصدونها للكتب.
إذن: كيف انصرف ذهن الشباب بان معنى مكتبة تعني لهم مكان بيع الأجهزة،والحواسيب
والقرطاسية والألعاب الإلكترونية.

تعيد كرة الاستفتاء على نفس الأشخاص، وتعيد تأكيد السؤال عن أشهر مكتبة تبيع الكتب وليس مكتبة تبيع الهواتف الذكية والحواسيب والألعاب الإلكترونية وتحمل اسم مكتبة. فتسمع الإجابة ذاتها !!

قد تذهب كما ذهبت أنا لأتحقق للمرة الثانية عن مصاديق الإجابات على أرض الواقع، وأتفاجأ أن أغلب الكتب المعروضة
والمتصدرة هي عبارة عن روايات بوليسية أو عاطفية غرامية أجنبية
وكتب مترجمة لكتاب أنجلوساكسونيين (متحدثي اللغة الإنجليزية) في حقول علوم الإدارة وتطوير الذات، وإدارة الوقت،
ومبادئ علم الإدارة،
ونصائح في الاستثمار،
ودليل التجارة الناجحة،
وقصص نجاح تجارية ملهمة، وكتب باللغة الإنجليزية عن مذكرات أفراد وقليل من الكتب العلمية الأكاديمية وكتب أدب وتاريخ باللغة العربية لمؤلفين قدماء.

تسأءلت إن كانت صيغة السؤال عن أفضل مكتبة في مدينتك هي صياغة سؤال صحيح؟ أم أن مفهوم المكتبة تغير مع تغير الزمان؟ أم أن نماذج التسويق والترويج لأنماط المكتبات المُستجلبة من العالم أفرزت هذا النموذج المتصدر في استفتاء أجابات جيل اليوم.

حتماً، لقد تغير مفهوم المكتبة مع مرور الزمن من مكان مخصص لبيع الكتب إلى فن ترويج كل ما يتعلق بعالم القراءة الجادة والترفيه المعرفي والراحة المكتبية وعالم الاتصالات وأنواع القرطاسية الحديثة وبيع الحواسيب والجوالات وترويج الإنتاج الموسيقي إلى جانب أنماط بيع الكتب المتعارفة في كل الحقول المعرفية، ولكامل الفئات العمرية.
مثل هذا التغير في المصطلحات، وتنمية الانماط السلوكية في المستهلك تحتاج إلى استيعاب وإعادة توظيف، لتكون مواكبة من أبناء جيلي زمنياً وحسن تجسير مع أبناء الأجيال الصاعدة. فمفهوم التسوق والأكل في المطعم والسفر والأنشطة
والفعاليات آخذ في التمدد أو التجديد أو التنوع.

لو سألت ذات العينة المستفتاه عن: آخر إصدارات الكتب الجديدة في مكتبته المفضلة التي نتوقع أنه اطلع عليها في ذات المكتبة التي أشار إليها في جواب الاستفسار السابق، فإن الإجابات تتمرجح بين:
– عدم مرور المستفتي على قسم الكتب إطلاقاً.

– مرور المستفتي على قسم الكتب دون المرور على رف آخر إصدارات الكتب الجديدة.

– متابعة المستفتي لآخر إصدارات الكتب الجديدة.

ومن المعلوم بالمنطق الاستنتاجي أن حراك آخر إصدارات في الكتب الجديدة ينم عن تدفق الإنتاج الثقافي داخل المجتمع ويعكس مواكبة الأحداث وزيادة مساحة الوعي، كما ينم عن تشخيص ميول رواد المكتبة في اقتناء أنواع معينة من كتب معرفية محددة أو فلسفة إدارة المكتبة في تبني كتب ذات صبغات فكرية معينة.

عند بحثك في أرفف قائمة “آخر إصدارات الكتب” أو ” وصلنا حديثاً” أو ” كتب لحياة أفضل “، فأنت فعلياً تجد نفسك تتصفح كتب أنجلوسكسونية مترجمة مع العلم بأنه صدر بعضها قبل عقد منن الزمن وسعرها مايزال باهض التكلفة.
الأمرالملفت هو أنه يطرق مسامعك أن هناك مؤلفين محليين، وأن عددهم في تزايد، ولكن لا ترى صدى أو احتضان لإنتاجهم الفكري والعلمي في المكتبات المفضلة لدى جيل اليوم.
أمر محزن أن ينكفيء المؤلف المحلي أو يكون مجهولاً بين أوساط من يفترض بأنه مُحتضن منهم. هل أضحى أهل الكلام يستوردون كل الكلام من الأنجلوسكسونيين،
ويغرقوننا به في المكتبات كما يستوردون أجهزة “الاتصالات “؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى