فضول أو انعزال أو حفظ مسافة معتدلة … خيارات وشخصيات

أمير الصالح
هل هي نعمة أم نقمة معرفتنا بهذا الكم الهائل من المعلومات والأخبار والأحداث والدسائس والفضائح والمؤامرات والاحتفالات والمهرجانات والمسابقات والفرص و … إلخ ؟!
هل نحن كبشر مهيأون ذهنيًا ونفسيًا لأن نتلقى كمية كبيرة ووجبات دسمة من الأخبار العالمية والمحلية المتماطرة والمترادفة والمتدفقة بشكل يشبه فيضان نهر جار وبركان متفجر حيث حمم متقاذفة في كل اتجاه و في كل شأن وصدمات مشاهد الاخبار المفجعة والكوارث الطبيعية المترادفة وصور الحروب وتذبذب مؤشرات الاسواق التجارية وتراقص أسعار صرف العملات، وانتشار الأوبئة و زيادة معدل سجل الجرائم حول العالم وتكاثر مسابقات الغانيات، وبرور تعداد صعاليك التفاهة ومشاهير الإغراء، وتقلبات المواقف، وانتشار الاشاعات عبر فضاء النت وسماء الأرقام وتغطيات وكالات الإعلام للأنباء.
حتما الإنسان على مدى التاريخ البشري لم يحظ بكم المعلومات التي يحظى بها الآن. ونفسية إنسان هذا العصر قد لم تُهيء لمعرفة كل مايحدث من مآسي وأخبار وأحداث وأتراح وأفراح وفواجع حول العالم بهذا الكم كما يحدث حاليًا في وقتنا الحاضر؛ خصوصًا بهذه الحقبة الزمنية حيث تسارع التغطيات الإعلامية حد البث الحي من موقع الحدث والجرأة على كل نواميس الحياة في كسر نواميس الحياء والعفة والأمانة. حتما إن كنت ذو حسن إنساني مرهف ومفرط الحساسية دون رسم حدود للمفاهيم فقد تشعر أنك مسؤول عن إصلاح كل ذلك الهبوط والصعود في مجريات الاحداث المحلية والعالمية حد الجلد للذات!
الإنسان ما بين الفضول والانعزال وحفظ المسافة المعتدلة
الشخص الفضولي:
الإنسان فضولي بطبعه وقد تسيطر عليه هذه الخاصية لدرجة الإدمان على ملاحقة الأخبار العالمية والمحلية للحفظ على مستوى إفراز الأندرالين في جسده؛ كما يفعل المدخن المدمن في تغذية مستوى النبكوتين بدمه ! ولكن مع مرور الأيام يكتشف الفضولي أنه أجهد نفسه وعقله دون أية منفعة. لا بل نفر الآخرون منه لكثرة تدخله في شؤون الآخرين الخاصة والعامة عبر أسئلته الحمقاء.
الشخص الانعزالي:
في المقابل نسمع نداءات عدة من منابر بعض علماء النفس بضرورة تغذية الأنانية الذاتيك لتفادي أضرار الفضول المفرط، وتجنب المشاكل. وبلغ بعضهم المشاهرة بالأنانية ورفع شعار ” أنا ومن بعدي الطرفان “. وبرزت عند أولئك الانطوائيين معضلة الفردانية إلى حد الانفصال عن أقرب دائرة اجتماعية مقربة لهم (الأسرة / المجتمع) ! وقد يصبح صاحب الانعزال محل اكتئابات شديدة متكررة عند أول معضلة أو عقبة في الحياة، ومع مرور الزمن لا يجد من يتعاضد معه ولا يواسيه عند وقوع نوائب الدهر عليه.
بين الإفراط (الفضول)، والتفريط (الانعزال) ، ما الحل؟
للانسان ٣ دوائر: دائرة السيطرة، دائرة التاثير ودائرة الاهتمام، إذا تجاوزت عالمك حيث دائرة السيطرة فلتدخل دائرة التاثيرة بجهد ووقت أقل، وإن فاض وقتك فليكن الاستثمار بدائرة الاهتمام في حدود رؤوس أقلام، وتعمق بالاطلاع حسب الضرورة والنفع العام. ويُنصح بأن تكون حصص الأوقات والجهد موزعة حسب الجدول التالي:
دائرة السيطرة: تخصيص ٧٠٪ وقت وجهد ومتابعة دائرة التأثير، وتخصيص٢٠٪ وقت وجهد ومتابعة دائرة الاهتمام، وتخصيص ١٠٪ وقت وجهد ومتابعة.
والعقلاء يوصون: اعرف نطاق تاثيرك واضبط ايقاع تفاعلك طبقا لذلك أو بمعنى آخر صغر/ كبر عالم اهتماماتك حيث تجد نطاق تاثيرك متناسبا مع قدراتك وتجنب الانغماس في الأخبار السيئة والمحبطة لمعنوياتك، وركز بأخبار عالمك ومجتمعك وأنشطة اهل الفلاح وما يتفعك وينفع محيطك ووطنك لتعيش بشكل أفضل نفسيًا وروحيًا ومعنويًا.
٢- يُنصح بتقليل استهلاك الأخبار المؤلمة ووزن معدل استهلاك الاخبار الإيجابية فذاك امر مهم جدًا لمن لا يستطيع خلق التوازن النفسي والموضوعي، ولكن لا يعين ذلك عدم متابعة اخبار الدنيا، بل من الضروري أن يكون الشخص واعيًا بما يحدث حوله و في اقليمه و العالم، وخير دليل ملموس حديثًا أصداء وارتدادات حرب الرسوم الجمركية الدائرة حاليًا بين قطبي التجارة الدولية منذ يوم ٢ أبريل ٢٠٢٥ .ولا نغفل أن تداعي تأثير السوشل ميديا جعل صوت كل شخص مهما بلغ صغره له أصداء وتفاعلات وتاثير في أرجاء المعمورة عبر وسائل العالم الافتراضي، ولذا رأينا أنماط رقصات وحركات خاطفة وأناشيد وأهازيج ك حركة لاعب بعد تسديدة هدف اشتهرت وأصبحت ترند عابر للقارات لمعظم الشباب، احفظ مسافة معتدلة من الجميع : أشخاص أو مواضيع أو ترندات أو صرعات أو قطيع. وقيل قديمًا من رجم نفسه وعرف قدراته رحمه ربه.