للطيور روابط اجتماعية كروابط الصداقة بين البشر

المترجم : عدنان أحمد الحاجي
أثبتت دراسة أجريت على طيور الزرزور في أفريقيا أنها تشكل روابط اجتماعية طويلة الأمد تشبه روابط الصداقة بين البشر.
حقيقة أن البشر الذين لا تربطهم قرابة دم (قرابة عصب أو قرابة نسب أو رحِم – أي من نفس السلف (1)) عادةً ما يساعدون بعضهم البعض بشكل متواتر هي حقيقة يمكن إثباتها – خذ مثلًا، التكاتف المتبادل القائم الذي يحافظ على استمرار أطول علاقات صداقة بين الأصدقاء.
ولكن إثبات فكرة حدوث مثل هكذا تفاعلات في مملكة الحيوان تعتبر صعبة.
دراسة جديدة (2) من جامعة كولومبيا أجريت على طيور الزرزور (3) الأفريقية، بقيادة أليكسيس إيرل Alexis Earl، وهو طالب دكتوراه سابق في مختبر البروفيسور داستن روبنشتاين Dustin Rubenstein، وزملائه، استندت إلى بيانات جمعت على مدى العشرين عامًا الماضية، أثبتت بالضبط ما يلي: تتعامل طيور الزرزور “بالمثل” [الرد على الفعل الايجابي من أحد الأطراف بمثله، وهي غير تلك القائمة على المصلحة الذاتية (4)]، حيث تساعد بعضها البعض على أمل أن يُرد هذا الجميل بمثله في نهاية المطاف.
وقال روبنشتاين: “مجتمعات طيور الزرزور ليست مجرد عائلات بسيطة، بل هي أكثر تعقيدًا مما يعتقد بكثير، وتتضمن خليطًا من أفراد الطيور المرتبطة بالنسب وغير المرتبطة بالنسب التي تعيش معًا، تمامًا كما هي العلاقة بين البشر.”
حقيقة أن الحيوانات تساعد قرابتها بالنسب (من الأباء والنسل) (5)، بهدف تعزيز لياقتها الجينية (القدرة على البقاء والتناسل) وإطالة عمر أو استقرار وثبات جيناتها (6) معروفة لدى المجتمع العلمي. يفضل طير الزرزور مساعدة أقاربه بالنسب، ولكن الكثير من الطيور الأخرى تساعد أيضًا غير أقاربها. اكتشف إيرل وزملاؤه أن هذه المساعدة غير النَسَبية [بين الطيور التي لا تربط بينها علاقة نسب] موجودة من خلال تشكيل علاقات مبنية على المساعدة المتبادلة، والتي تقع أحيانًا بينها على مدى سنوات طويلة.
إثبات أن هذا النوع من السلوك المتبادل يمتد إلى الحيوانات الأخرى التي ليس بينها قرابة نَسَب مباشرة صعب، وذلك لأن إثبات هذا النوع من السلوك يتطلب كميات كبيرة من البيانات تُجمع على مدى فترات زمنية طويلة. الدراسة الجديدة، التي نشرت في مايو 7، 2025 في مجلة نيتشر، استندت إلى عشرين عامًا من الأبحاث الميدانية التي أجراها روبنشتاين وزملاؤه على طيور الزرزور الأفريقية التي تعيش في مناخ السافانا القاسي في شرق أفريقيا. من عام 2002 إلى عام 2021، درس الباحثون آلاف التفاعلات البينية بين مئات الطيور، وجمعوا عينات من الحمض النووي من بعض أفراد هذه الطيور لفحص العلاقات الجينية. وبالجمع بين البيانات السلوكية والجينية على مدى 40 موسم تكاثر، تمكن الفريق من طرح أسئلة مثل: هل ساعدت الطيور أقاربها بالنسب بشكل تفضيلي؟ هل ساعدت غير أقاربها بالنسب حتى في وجود أقارب لتلك الطيور (المتلقية للمساعدة) ؟ وهل تعاملت بالمثل في تقديم المساعدة مع أفراد معينيين على مر السنين؟
وفي نهاية المطاف، وجد الباحثون أن الطيور التي قدمت المساعدة ساعدت الأقارب بالنسب بشكل تفضيلي، ولكنها أيضًا ساعدت أيضًا بشكل متكرر ومتسق طيورًا غير قريبة لها بالنسب، حتى عندما لتلك الطيور طيور قريبة بالنسب مستعدة لتقديم المساعدة لها. وقال روبنشتاين: “الكثير من هذه الطيور تقوم بتكوين صداقات بمرور الزمن.” “خطوتنا التالية هي استكشاف كيف تتشكل هذه العلاقات، وكم تستمر زمنيًا، ولماذا تظل بعض العلاقات قوية، بينما تنهار علاقات أخرى.”
البيانات استندت إلى عقود من الأبحاث (7) التي جمعها روبنشتاين وزملاؤه وطلابه حول كيفية ولماذا تتواصل الحيوانات اجتماعيًا. وقاموا بفحص المجتمعات الحيوانية ليس فقط في الطيور، ولكن أيضًا في مجموعة متنوعة من الأنواع الحيوانية الأخرى حول العالم، بما فيها مجتمعات الروبيان ذي المسدس (المعروف بأعلى الحيوانت البحرية صوتًا) في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي، والدبابير في أفريقيا، والخنافس في آسيا، والفئران والسحالي في أستراليا.
وقال روبنشتاين: “أعتقد أن هذا النوع من سلوك المساعدة المتبادلة من المرجح أن يحدث بين الكثير من المجتمعات الحيوانية، ولكن الناس لم يتناولوها بالدراسة لفترة كافية حتى يتمكنوا من اكتشاف سلوكياتها.”
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/قرابة_العصب
2- https://www.nature.com/articles/d41586-025-01374-8
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/زرزوريات
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/معاملة_بالمثل_(علم_النفس_الاجتماعي)
5- https://en.wikipedia.org/wiki/Lineal_descendant
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/صلاحية_(أحياء)
7- https://news.columbia.edu/news/new-details-why-starlings-allow-immigrants-join-their-communities
المصدر الرئيس
https://news.columbia.edu/news/new-study-shows-birds-form-bonds-look-lot-friendship