أقلام

مواكبة التطور العلمي.. ضرورة وليس ترفًا

أمير بوخمسين

في عالم يتسارع فيه إيقاع التغيير، لم تعد مواكبة التطور ترفًا، بل أصبحت ضرورة تفرض نفسها على الأفراد والمجتمعات والمؤسسات. غير أن التساؤل يظل قائمًا: هل نعيش حالة مواكبة حقيقية للتطور؟ أم نكتفي بملاحقته من بعيد، دون تأثير فعلي أو إنتاج معرفي مستقل؟

التطور لم يعد حكرًا على مراكز الأبحاث أو الدول الكبرى، بل أصبح متاحًا بفعل التكنولوجيا ووسائل الاتصال. ومع ذلك فإن الفجوة ما تزال قائمة في مجتمعاتنا، خاصة في التعليم والإعلام والإدارة، ما يتطلب تحولًا عميقًا في الفكر والممارسة.

أنموذج المملكة العربية السعودية يستحق الوقوف عنده. ففي أقل من عقد، تحولت السعودية من دولة تقليدية إلى منصة إقليمية للتكنولوجيا والابتكار، عبر رؤية 2030 التي وضعت الإنسان في قلب التغيير، ووسّعت مجالات الاقتصاد الرقمي، والسياحة، والترفيه. هذه الرؤية لم تأتِ من فراغ، بل من إيمان بأن التطور يبدأ من الداخل، بإصلاح المفاهيم وبناء القدرات.

في المقابل، لا تزال بعض المجتمعات العربية رهينة للجمود والخوف من التغيير. مؤسسات تعمل بعقلية الأمس، ومسؤولون لا يؤمنون إلا بما اعتادوا عليه، والنتيجة تأخر، وهدر للفرص، وشعور دائم بأننا في مؤخرة الركب.

ولكن الأمل لا يغيب. فثمة مبادرات محلية شجاعة، وأفراد ومؤسسات يكافحون من أجل التغيير، يؤمنون بأن التطوير لا يأتي بقرارات فوقية فقط، بل بمشاركة جماعية، تبدأ من قاعات الدراسة، وتنعكس في الإعلام، والإدارة، ومحتوى وسائل التواصل.

مواكبة التطور لا تعني ذوبان الهوية، بل تعني إدماجها ضمن منظومة عصرية تحترم الأصل وتفتح الباب للمستقبل.

علينا أن ندرك أن التطور ليس وجهة نصلها، بل مسار نعيشه بإرادة ويقظة، ومن لا يخطو بثقة نحو المستقبل، سيجبره المستقبل على الركض خلفه، متأخرًا دومًا.

العالم لن ينتظر من يتأخر، ومن لا يجدد أدواته المعرفية والتقنية سيجد نفسه عاجزًا أمام تحديات متلاحقة.

من هنا، فان مواكبة التطور العلمي لم تعد ترفًا فكريًا، بل أصبحت ضرورة وجودية، وركيزة لأي مستقبل تنموي طموح. ويتطلب عدة خطوات وإستراتيجيات منها: التعليم المستمر للمعرفة من خلال الدورات التدريبية والمشاركة في ورش العمل. البحث والقراءة عبر متابعة الأبحاث العلمية والمقالات المختصة. حضور المؤتمرات والندوات العلمية، حيث يتم تبادل الأفكار والابتكارات. التكنولوجيا الحديثة باستخدام الأدوات والتقنيات الحديثة، مثل البرمجيات المتقدمة والمعدات الحديثة. إن ضرورة توجيه الشباب للتخصصات العلمية المطلوبة، مثل الذكاء الاصطناعي الهندسة وعلوم الحاسب والطب والصحة والعلوم الطبيعية والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المستدامة والفضاء والاتصالات يعتبر مطلبًا تنمويًا مهمًا من أجل الارتقاء بالوطن، إضافة إلى تفعيل المراكز التدريبية التقنية والعلمية التي تساهم في تطور وتقدم البلاد. هذا التوجه العالمي للاختصاصات الجامعية التي تعد الأكثر طلبًا. فمع هذا التوجه نستطيع أن نرى النتائج و المخرجات وانعكاسها على تقدم بلادنا من خلال بناء الكوادر والكفاءات الوطنية في مختلف الميادين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى