أقلام

اعتزل ما يؤذيك… بعد الأربعين

زكي الجوهر

حين تطرق أبواب الأربعين، تجد نفسك في رحلة جديدة، لا تشبه العشرين ولا حتى الثلاثين. تتغير أولوياتك، تهدأ زوابعك، وتصبح أكثر وضوحًا في معرفة ما يستحق أن يُبقى في حياتك، وما يجب أن تتركه دون ندم.

بعد الأربعين… تدرك أن الوقت أعظم رأس مال تمتلكه، وأن إهداره على جدالات فارغة أو علاقات سامة خسارة فادحة لا يعوضها شيء. تكتشف أن صمتك أحيانًا أبلغ من ألف كلمة، وأن الانسحاب من بعض المواقف انتصار للنفس لا هزيمة.

يا قلبي لا تصير خفّه بيد كلٍّ واطي

بعد الأربعين… العمر ما يحتمل الواطي

خلّ اللي يزعّلك يروح بريح الغربي

وخلّ اللي يحبّك… قرّب له واجلس راضي

الدنيا ما تسوى… تنكسر خاطرك

واللي ما يعرف قدرك… لا تحطّه فـ حُضنك الوافي

عيش بهدات بالك… وسَلام روحك

وخلّها تمرّ الأيام… وصدرك مثل الماي صافي

بعد الأربعين… تتعلم أن راحتك النفسية فوق كل اعتبار، وأن من لا يقدرك لا يستحق استنزافك. تقرر أن تختار بيئتك بدقة: لا مكان للمتشائمين، ولا للمُحبطين، ولا للمُتطفلين على سعادتك. تفتح قلبك لمن يُشعرك بالسكينة، وتغلقه في وجه من يبعثر يومك بهموم لا تخصك.

بعد الأربعين… يصبح الاعتزال فنًا. فن أن تبتعد عن القلق الزائد على ما لا تملكه، عن الركض خلف إعجاب الناس، عن محاولة إثبات نفسك في كل موقف. تعيش لنفسك أولًا، وتحب نفسك بصدق، وتسامحها حين تخطئ وتدعمها حين تنهك.

لا… بعد الأربعين تزهو الروحُ في ألقٍ

ويورقُ العمرُ… إن بالخيرِ تشتغلُ

“اعتزل ما يؤذيك” ليس شعارًا للعُزلة، بل درس للحكمة… أن تختار معاركك، أن تنقى ذهنك، وأن تصنع حولك بيئة خفيفة، علاقات ناضجة، وحياة فيها هدوء داخلي… فالسنوات القادمة تستحق أن تُعاش بسلام.

بعد الأربعين… كل ما يؤذيك، اعتزله بلا تردد، فالحياة قصيرة… والسكينة كنز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى