بشائر الوطن

ارتفاع الشكاوى من البنوك جهل موظفين أم إهمال

بشائر: الدمام

أثار ارتفاع عدد الشكاوى المقدمة من عملاء البنوك، والتي يتابعها البنك المركزي، وكذلك ارتفاع نسب الحكم فيها لصالح هؤلاء العملاء، تساؤلات جدية ما إن كانت كثرة تلك الشكاوى تكشف عن جهل لدي بعض موظفي البنوك بالأنظمة أو عن إهمالهم وعدم مبالاتهم.

وفي وقت تستمر فيه الجهود لتعزيز الثقافة القانونية والتدريب في القطاع المصرفي لضمان حماية حقوق العملاء ومعالجة الأخطاء بشكل فعال، ومع التأكيد على أهمية الدور الذي يقوم به البنك المركزي، حيث تُعَدّ العلاقة بين البنك المركزي والبنوك التجارية من أهم الركائز التي تضمن استقرار السوق المالية وحماية حقوق العملاء، إلا أن ارتفاع الشكاى التي يحكم بها للعملاء بات يثير القلق.

تساؤل مشروع

يتساءل مهتمون بالأسواق المالية ومواطنون، هل تجهل البنوك التجارية الأنظمة التي تحكم عملها، أم أنها تتعمد مخالفتها؟ وهل يعكس الأمر إهمالًا متعمدًا من قبل الموظفين، أم قصورًا في تدريبهم ووعيهم بالإجراءات الصحيحة؟، وهل هناك احتمال لأن تكون هذه الأخطاء ناجمة عن سلوك مؤسسي متعمد، يتبع إستراتيجيات غير شفافة لتحقيق أرباح غير مباشرة، مع الاعتماد على عدم تقديم العملاء للشكاوى لضعف وعيهم أو خوفهم من الإجراءات؟.

نمط ممنهج

من الناحية القانونية، أشار المحامي ثامر آل محيسن، إلى أنه لا يمكن اعتبار المعدل المرتفع من المخالفات مجرد أخطاء فردية أو اجتهادات من موظفين، وقال «الثابت أن كل بنك يخضع لتعليمات البنك المركزي السعودي الصادرة بصفة دورية، والتي تتضمن تفاصيل دقيقة تنظم العلاقة مع العملاء، بما في ذلك حقوقهم وواجبات البنك ومتطلبات الإفصاح والتوعية».

لافتًا إلى أن «تكرار نفس المخالفات وبنفس الأسلوب يرجح وجود نمط ممنهج من التجاوزات، قد يعود إلى أحد احتمالين،

أولاً: التساهل في الرقابة الداخلية وعدم تفعيل آليات التدقيق والمتابعة.

ثانيًا: تعمد بعض البنوك تحقيق أرباح بطريقة غير مباشرة عبر فرض رسوم أو اتخاذ إجراءات مخالفة للأنظمة، مع الاعتماد على أن نسبة كبيرة من العملاء لا تتقدم بشكاوى».

إجراءات الشكاوى

عن الإجراءات النظامية لتقديم الشكاوى، قال آل محيسن «وضع البنك المركزي السعودي آلية منظمة لحماية العملاء الماليين، تبدأ بتقديم الشكوى للبنك المعني مباشرة، وإذا لم يتم الرد خلال مدة 15 يومًا من أيام العمل، يحق للعميل رفع الشكوى إلكترونيًا إلى البنك المركزي»، منوهًا إلى أن هذه الخدمة تتاح من خلال البوابة الموحدة لحماية العملاء أو عبر تطبيق «ساما تهتم» على الأجهزة الذكية، حيث يتولى البنك المركزي دراسة الشكوى والتحقق منها، وفي حال ثبوت وقوع مخالفة، يتم اتخاذ الإجراءات التالية:

1ـ إلزام البنك بإعادة الحقوق إلى العميل.

2ـ توجيه إنذار أو فرض جزاء إداري على البنك المخالف.

الجهل والتعمد

ردًا على سؤال: طالما أن البنك يعلم أن نتيجة الشكوى ستكون في غير صالحه، فلماذا يقدم على المخالفة؟، يوضح آل محيسن «مهنيا لا تبرر هذه الممارسات بالجهل، وإنما تندرج ضمن الإهمال الجسيم أو اللامبالاة في ارتكاب المخالفة، وتعد مخالفة صريحة لمبادئ الأمانة المهنية وحسن النية في التعاملات المصرفية، ولربما يستند بعض الموظفين إلى نص المادة الـ15 من النظام، والتي تنص على أنه»، لا يكون موظفو البنك عرضة لأي مساءلة أو مطالبة بسبب تأديتهم لمهامهم وفقًا لأحكام النظام، باستثناء حالات سوء النية أو الإخلال الجسيم، «وبالتالي، فإن ضرورة إثبات سوء النية قد تُستخدم كمبرر قانوني لتفسير بعض الإخفاقات أو الأعطال التقنية، في محاولة للإفلات من المساءلة القانونية».

مكافحة السلوكيات الخاطئة

من جانبه، يلقي المستشار القانوني محمد البقشي الضوء على أن الأنظمة واللوائح تضع مسؤوليات واضحة على عاتق البنوك لضمان الامتثال وحماية العملاء، وأن صلاحيات الرقابة والتوجيه التي يتمتع بها البنك المركزي تؤكد دور التنظيم والرقابة المباشرة.

وبين أن «نظام البنك المركزي السعودي، وتحديدًا المواد الرابعة (فقرات 2، 3، 9، 10، 11، 14)، والخامسة، والسادسة (فقرة 4)، والعشرون (فقرات 3 و4) تشكل مرجعية رقابية في هذا الجانب، حيث يتمتع البنك المركزي السعودي بصلاحيات رقابية وتنظيمية واسعة تخوله حماية المستهلك ومحاسبة المؤسسات المالية عند ارتكاب المخالفات، كما أن الأنظمة واضحة فيما يتعلق بمسؤوليات البنوك تجاه الامتثال وتقديم الخدمة المصرفية وفقًا للمعايير النظامية والمهنية».

خطوات استباقية

أضاف البقشي «من غير المنطقي أن تجهل البنوك الأنظمة، خاصة أنها تتعرض لتقييم دوري وشفاف، وتخضع لبرامج تدريب وتوعية مستمرة تُعزز من وعي الموظفين بالتعليمات واللوائح، لذا فالاحتمال الأقرب هو أن هناك ضعفًا في تنفيذ الأنظمة، أو تباينًا في التواصل بين التوجيهات العليا والتنفيذ الميداني، إضافة إلى استغلال بعض الموظفين لضغوط المبيعات والحوافز لتحقيق أرباح شخصية، وهو ما يُعد أحد الأسباب الأرجح لانتشار المخالفات».

خطوات استباقية يمكن للبنك المركزي اتخاذها لمعالجة كثرة الشكاوى

– إنشاء وحدة لمعالجة الشكاوى.

– اعتماد نموذج موحد للردود على شكاوى العملاء.

– تحديث مؤشرات الأداء الرقابي بشكل دوري.

– إصدار تعاميم رقابية تتضمن الإجراءات التصحيحية عند تكرار المخالفة.

خطوات يجب على البنوك العمل بها لحل مشكلة ارتفاع الشكاوى

1- تعزيز فعالية الرقابة الداخلية لدى البنوك من خلال آليات متخصصة تراقب مدى الالتزام بتطبيق الأنظمة بشكل فعلي، وليس نظريًا.

2- إعادة تصميم أنظمة الحوافز بحيث تُشجع على الامتثال، لا على التجاوز، نظرًا لكون الحوافز المرتبطة بالمبيعات من أهم دوافع المخالفات الفردية.

3- تغليظ العقوبات عند تكرار المخالفة، مع نشر مؤشرات الأداء الرقابي للجمهور، بهدف تعزيز الشفافية، وزيادة وعي العملاء، وتشجيع البنوك على ضبط أدائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى