بين وجوه لا تعرف الجوع ووجوه لا تعرف الشبع

حسين الحاجي
أظهر تقرير لمنظمة أوكسفام غير الحكومية أن أربعة أثرياء في قارة أفريقيا يملكون اليوم ثروة تبلغ 57,4 مليار دولار أي أكثر مما يملكه نصف سكان القارة مجتمعين ( 750 مليون شخص ) في مقابل هذه القمم الثرية هناك وادي سحيق من الفقر حيث يعيش أكثر من ثلث سكان القارة ( 460 مليون شخص ) تحت خط الفقر المدقع بينما يستمر عدد الفقراء في التصاعد وفقاً لإحصائيات البنك الدولي .
هذا التفاوت الكبير لا يحتاج إلى شرح طويل بل يكفي أن نتوقف عند مقولة عظيمة أطلقها الإمام علي عليه السلام ببصيرته وبعدالة منطقه منذ قرون ولاتزال تصف الواقع المرير بدقة : ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني ، مقولة موجزة تختصر جوهر الإختلال البشري وتُعلن أن الجوع ليس قَدَرًا دائماً بل نتيجة لتراخٍ مزمن في العدالة والمشاركة كما تحمل هذه المقولة في ثناياها صرخة مدوية وإدانة صريحة للرأسمالية الجشعة وتستنكر تكديس الثروات دون مراعاة حقوق المحتاجين ، الغنى ليس خطأ والفقر ليس عيباً لكن حين يستمتع البعض بما يتجاوز حاجتهم ويُحرم آخرون من الأساسيات فإن هذا يعتبر إفلاساً أخلاقياً وليس خللاً اقتصادياً .
جديراً بالذكر أننا في وطن الخيرات لا مجال للجوع أن يمرّ دون أن يُسأل فالمملكة العربية السعودية قامت على أساس راسخ من القيم والعدالة والتكافل في ظل ولله الحمد والمنة موارد وفيرة ووعي مجتمعي عالي وقلوب سخية وأيدي معطاءة تتسابق إلى أبواب البر والخير والجميل أن هذه النوايا الحسنة لم تترك لعشوائية الإجتهاد بل جاءت القوانين واللوائح ليصبح للإحسان طريقاً مؤسسياً سهلاً وآمناً من العبث بحيث يصل إلى يد من يستحق في الوقت المناسب وبالطريقة التي تحفظ الكرامة وتضمن العدل من خلال عدة قنوات رقمية تغني المحتاج عن السؤال والمتبرع عن التردد وتعمل وفق أعلى معايير الشفافية والحوكمة ومنها :
(1) منصة إحسان : بوابة وطنية شاملة توصل الزكاة والصدقة والعطاء في دقائق وتصدر تقارير دورية وتضم لجنة شرعية تضمن الإلتزام بأحكام الدين.
(2) المنصة الوطنية للتبرعات ( تبرع ) : تتيح خيارات متنوعة وتغطيات شاملة وتضمن وصول التبرع للمتعففين بكرامة وإحترام .
(3) بوابة زكاتي : تابعة لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك تسهل على الفرد أداء فريضة الزكاة بكل يسر وسهولة .
(4) الجمعيات الخيرية المعتمدة .
وفي ظل هذه المنظومة المتكاملة تصبح الصدقة حقاً لا منّة وواجباً لا خياراً إمتثالاً لقوله تعالى ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) فالخير حين يُدار بحكمة ويُوجه بشفافية ويُحاط بالأنظمة لا يبقى مجرد فعل فردي بل يتحول إلى قيمة وطنية سامية يعيش بها الجميع ويستحقها الجميع .