أقلام

العلم أداة للتنمية

أمير بوخمسين

أصبح العلم هو القاعدة التي تبنى عليها الامم، وهو السلاح المتجدد الذي لا ينفد. أن أعظم قوه يمكن أن تمتلكها امة هي قوة العقل، قوة لا تُرى لكنها تحدث الفرق في كل شيء، في الاستقلال والقرار وفي الإنتاج، وكل دولة تجعل من التعليم والبحث أولوية تضمن لنفسها مكانًا في المستقبل.

في هذا العالم المتسارع أصبحت الدول العظمى تقاس بمستوى جامعاتها، وعدد براءات اختراعها، ونسبة الباحثين فيها. إن من يمتلك المعرفة، يمتلك أدوات الهيمنة، ويفرض شروطه من مصدر قوه وتقدم. فكوريا الجنوبية استثمرت بشكل كبير في التعليم، والتكنولوجيا، مما ساهم في تحولها إلى واحدة من الاقتصادات الرائدة في العالم. سنغافورة اعتمدت على التخطيط الإستراتيجي، والتنمية المستدامة مما جعلها مركزًا ماليًا وتجارياً عالمياً. إثيوبيا حققت نمواً اقتصاديًا كبيرًا من خلال استثمارات في البنية التحية والزراعة. البرازيل اعتمدت برامج اجتماعية للتقليل من الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية. المملكة العربية السعودية وضعت خطة إستراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي، وتعزيز الاستثمار وتطوير قطاعات مثل السياحة والترفيه، واستثمرت في البنية التحتية والتعليم والتدريب والتكنولوجيا والرقمنة عبر دعم الشركات الناشئة والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الاستدامة والطاقة. وغيرها من الدول التي تمكنت من استخدام الإطار العام كعمل لتحقيق التنمية، وذلك من خلال وضع إستراتيجيات محددة تناسب احتياجاتها وظروفها.

حين نعيد ترتيب أولوياتنا، ونجعل من العلم خيارًا وطنيًا، نبدأ في استعاده أنفسنا، فلا حرية حقيقية بلا استقلال معرفي، ولا سيادة حقيقية بلا انتاج محلي، ولا مكان لنا في هذا العالم إن لم نكن أصحاب عقل وإرادة. ولعل التحديات التي واجهتها هذه الدول في مشوار التنمية، تختلف من دولة لأخرى.. إلا أنها تتشابه في محتواها.. الفساد الذي يؤدي إلى هدر الموارد وتقويض جهود التنمية. عدم الاستقرار السياسي والتوترات السياسية والنزاعات الداخلية الخارجية تعرقل البرامج التنموية، وتجعل تنفيذها صعبًا. نقص التمويل والاعتماد على المساعدات والاستثمارات الخارجية يمكن أن يؤدي إلى نقص الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف. التغيرات المناخية والتأثيرات السلبية للتغير المناخي، مما يؤثر على الزراعة والبنية التحتية والتنمية. البنية التحتية عدم توافر الطرق والمياه النظيفة، يمكن أن يعيق الوصول إلى الفرص الاقتصادية. التعليم والتدريب وذلك من خلال تحسين أنظمة التعليم، والتدريب المهني لضمان وجود قوى عاملة مؤهلة. هذه التحديات تمت مواجهتها من بعض الدول، التي اتخذت سياسات صارمة من أجل بناء تنمية حقيقية مستدامة.

إن العلم لا يستخدم فقط للفهم والتحصيل بل للبقاء، ويجعلنا نزرع اراضينا بأنفسنا، ونعالج مرضانا بأيدينا، ونحمي حدودنا بمنتجاتنا. العلم هو الذي يحول الأفكار الصغيرة إلى شركات عملاقه، ويجعل من قاعات الدراسة منصات ننطلق منها للعالم روادا للنهضة والتطور. وإن النهضة الحقيقية لا تصنع بالكم، بل بالكيف، ولا بكثرة الخريجين، بل بندره العقول التي تعرف الى أين تتجه.

إن استثمار الأمم في عقول أبنائها وتطوير قدراتهم العقلية هو الاستثمار الأفضل والأكثر أهمية لتحقيق التقدم والازدهار.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى