المترجم : عدنان أحمد الحاجي
عند التفكير في الأحداث المستقبلية، تعمل أدمغة المتفائلين بنحو متماثل، بينما تعمل أدمغة المتشائمين بدرجة كبيرة من الفردية. نتائج الدراسة التي أجرتها جامعة كوبي تفسر سبب اعتبار المتفائلين فئة اجتماعيةً، إذ قد يتصفون برؤية مستقبلية متشابهة حين يفكرون في أحداث المستقبل.
أفاد فريق من جامعة كوبي، بقيادة ياناجيساوا كونياكي Yanagisawa Kuniaki، في ورقة (1) نشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، بأنه عندما يفكر المتفائلون في الأحداث المستقبلية، تصبح أنماط نشاطهم العصبي متماثلة. بينما تباينت أنماط المتشائمين العصبية تباينًا كبيرًا.
مستوحين من افتتاحية رواية “آنا كارنينا (2) Anna Karenina” لليو تولستوي Leo Tolstoy، يلخص الفريق البحثي نتائجه قائلاً: ” المتفائلون متشابهون في تخيلهم لأحداث المستقبل، لكن المتشائمين كل يتخيل المستقبل بطريقته الخاصة المختلفة عن الآخر.”
يشعر المتفائلون بمزيد من الرضا عن علاقاتهم الاجتماعية، ولديهم شبكات اجتماعية أوسع. يقول ياناجيساوا كونياكي Yanagisawa Kuniaki، باحث في علم النفس بجامعة كوبي: “ولكن ما السبب؟ أثبتت دراسة حديثة أن أدمغة الذين يشغلون مناصب (أو رتب أو حالات) اجتماعية) (3) مركزية تتفاعل مع المنبهات (أو المثيرات) الخارجية أو الدخلية (4) بطرق متشابهة. لذا، قد يكون الذين لديهم مواقف أو آراء متشابهة تجاه المستقبل، يتخيلونه في أدمغتهم أيضًا بطرق متماثلة، وهذا يُسهّل عليهم فهم وجهات نظر بعضهم بعض.”
لاختبار هذه الفرضية، جمع ياناجيساوا فريقًا متعدد التخصصات من مجالي علم النفس الاجتماعي وعلم الأعصاب الإدراكي. “السبب الرئيس وراء بقاء هذا السؤال دون إجابة حتى الآن هو أنه واقع في فجوة بين مجالي علم النفس الاجتماعي وعلم الأعصاب. ومع ذلك، فإن تقاطع هذين المجالين مكّننا من فتح هذا الصندوق الأسود والإجابة على السؤال.” اختار الفريق 87 شخصًا، مكونَا من طيف من أشخاص متشائمين ومتفائلين وطلبوا منهم تخيل أحداث مستقبلية مختلفة. أثناء عملية التخيل تلك، سجل الفريق نشاط أدمغتهم بتقنية “التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)،” مما مكّن الباحثين من الكشف عن كيف يتجسد التفكير في الأحداث المستقبلية في أدمغة الأشخاص المشتركين في هذه التجربة كأنماط من النشاط العصبي.
أفاد فريق جامعة كوبي في الورقة (1) المنشورة في مجلة PNAS، أنه عندما يفكر المتفائلون في الأحداث المستقبلية، تصبح أنماط نشاط الدماغ العصبي في الواقع متماثلة. أما أنماط النشاط العصبي للمتشائمين فقد كانت متباينة تباينًا كبيرًا جدًا. مستوحين من افتتاحية رواية “آنا كارنينا” لليو تولستوي، يلخص الفريق نتائجه قائلاً: “المتفائلون مثماثلون، لكن كل فرد متشائم يتخيل المستقبل بطريقته الخاصة”. يقول ياناجيساوا: “أكثر ما يميز هذه الدراسة هو أن المفهوم المجرد لـ “التفكير المتماثل” قد تجلى في أنماط نشاط دماغ متماثلة بما للكلمة من معنى.”
وجد ياناجيساوا وفريقه أيضًا اختلافًا أكثر بروزًا بين الأنماط العصبية في حال التفكير في الأحداث الإيجابية أو الأحداث السلبية لدى المتفائلين مقارنةً بالمتشائمين. ويوضح قائلًا: “هذا يعني أن الأشخاص الأكثر تفاؤلاً يدركون حسيًا فرقًا جليًا بين المستقبل الجيد والمستقبل السيئ في أدمغتهم. بمعنى آخر، التفاؤل لا ينطوي عادة على تفسير إيجابي للأحداث السلبية. بل، عادةً ما يعالج الأفراد المتفائلون السيناريوهات السلبية بطريقة أكثر تجردًا وتباعدًا من الناحية الشعورية (العاطفية) عن بعضهم، مما يهون من وقع تلك السيناريوهات السلبية على المشاعر.”
يلخص باحث علم النفس الدراسة قائلاً: “إن الشعور اليومي بـ “التناغم والانسجام في التفكير وفي الاهتمامات والآراء وسهولة التواصل ” ليس مجرد تناغم أو انسجام على نحو الاستعارة [مما يعني أن هذا التناغم تناغم حقيقي]. قد تشترك أدمغة المتفائلين، من الناحية المادية، في مفهوم مشترك أو متماثل للمستقبل. لكن هذا يثير أسئلة جديدة. هل هذه الآلية المشتركة شيء يولدون به أم أنها اكتّسبت لاحقًا، على سبيل المثال، أكتُسبت من خلال الخبرة والحوار؟” يتمثل الهدف النهائي لياناجيساوا في اكتساب فهم أعمق لأسباب الشعور بالوحدة الاجتماعية (5) وماذا يمكّن الناس من التواصل مع بعضهم البعض [لكسر تلك الوحدة]. ويقول: “أعتقد أن توضيح العملية التي ينشأ من خلالها هذا الواقع المشترك بين المتفائلين هو خطوة نحو مجتمع يستطيع الناس فيه التواصل بشكل أفضل”.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2511101122
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/أنا_كارينينا_(رواية)
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/حالة_اجتماعية
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/منبه_(علم_وظائف_الأعضاء)
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/وحدة_(علم_نفس)
المصدر الرئيس
Optimists are alike, every pessimist has their own way
