بشائر الوطن

الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي

عدنان الغزال : الدمام

بينما تتسارع الخطوات لتعزيز التكامل بين القطاع الخاص والقطاع غير الربحي في المملكة، يبرز مفهوم «وظائف الاستثمار الاجتماعي»، كأداة جديدة لدعم الجمعيات الأهلية، وتمكينها من استقطاب كوادر مؤهلة دون تحمل الأعباء المالية المباشرة، غير أن هذا التوجه، رغم ما يحمله من فرص، يواجه تحديات جوهرية تتعلق بمدى استدامته بعد توقف التمويل.

مدخل للتكامل

أوضح الباحث السعودي، إبراهيم العبد الرضاء، المدير التنفيذي لجمعية المواساة الخيرية للخدمات الاجتماعية، أن برامج الاستثمار الاجتماعي تمثل مدخلًا مهمًا لتطوير القطاع غير الربحي، من خلال السماح للقطاع الخاص بتمويل رواتب بعض العاملين السعوديين لصالح الجمعيات، وأضاف أن هذا التوجه يعكس تحولًا إيجابيًا في العلاقة بين الطرفين، إذ لم يعد الدعم مقتصرًا على التبرعات المباشرة، بل بات في صورة شراكات مؤسسية تتيح فرصًا وظيفية وتنموية، وترسخ المسؤولية الاجتماعية للشركات بصورة عملية وملموسة.

موارد محدودة

وأشار العبد الرضاء إلى أن هذه البرامج تمنح الجمعيات، ولا سيما الناشئة منها أو ذات الموارد المحدودة، فرصة لتوظيف خبرات متخصصة في مجالات حيوية مثل المالية، والإدارة، والتقنية، والتنمية المجتمعية، وهو ما يسهم في تحسين جودة الخدمات، ورفع الجاهزية المؤسسية، وزيادة القدرة على تنمية الموارد، إضافة إلى خلق وظائف نوعية جديدة في القطاع غير الربحي، وتعزيز صورة الشركات الداعمة باعتبارها شريكًا فاعلًا في التنمية.

معضلة الاستدامة

رغم ذلك، يظل التحدي الأبرز متمثلًا في غياب الاستدامة، فغالبًا ما تنتهي عقود التمويل بعد عام أو عامين، ما يضع الجمعيات أمام خيارين صعبين: إما تسريح الموظفين لعدم توافر ميزانية داخلية، أو تحميل الكوادر الحالية أعباء إضافية قد تؤثر على جودة العمل، وتزداد المعضلة لدى الجمعيات حديثة التأسيس التي تفتقر إلى مصادر دخل بديلة أو خطط مالية بعيدة المدى.

حلول مقترحة

ولتجاوز هذه العقبة، قدّم العبد الرضاء مجموعة من الحلول العملية التي من شأنها تعزيز استدامة وظائف الاستثمار الاجتماعي، أبرزها التخطيط المالي المبكر عبر تخصيص جزء من عوائد المشروعات أو التبرعات لتمويل الوظائف بعد انتهاء الدعم، وربط الوظائف بالعائد الإنتاجي بحيث تصبح أداة لتنمية الموارد، إلى جانب تنويع مصادر الدعم وعدم الارتهان لجهة مانحة واحدة، كما دعا إلى توثيق أثر هذه الوظائف بتقارير دورية تسهّل على الجمعيات إقناع الشركات بتمديد التمويل، والتفاوض على آلية انسحاب تدريجي بدلًا من وقف الدعم المفاجئ، وأخيرًا تنظيم ملتقى مشترك برعاية المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي أو مجلس الجمعيات الأهلية لبحث التحديات وتبادل الخبرات.

سياق أوسع

وتأتي هذه الطروحات في وقت يتزايد فيه اعتماد القطاع غير الربحي على الشراكات مع القطاع الخاص، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5% بحلول 2030، مقارنة بنسبة لا تتجاوز 0.6% قبل انطلاق الرؤية، ويُنظر إلى الاستثمار الاجتماعي كأحد الأدوات الفاعلة لتحقيق هذا التحول، إذا ما توفرت له آليات استدامة تضمن تحويل التجارب المؤقتة إلى قصص نجاح طويلة المدى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى