استبدال الإشارات الضوئية بالدورانات للخلف.. حلول لاختناقات المرور أم تحديات أمام السائقين

عدنان الغزال : الدمام
فيما تعمل الأمانات والبلديات في مختلف مناطق ومحافظات المملكة العربية السعودية على تنفيذ حلول مرورية مبتكرة للتقليل من التقاطعات، من بينها استبدال الإشارات الضوئية بعدد من الدورانات والتصاميم الأخرى البديلة، بهدف تقليل أزمنة التأخير، وخفض زمن الرحلة، وتحسين انسيابية الحركة المرورية، أكد المتحدث الرسمي في أمانة المنطقة الشرقية، فيصل الزهراني لـ«الوطن»، أن هذا التوجه لا يعني إلغاء الإشارات المرورية بشكل كامل، بل اختيار الحل الأمثل وفق الأحجام المرورية، وحركة المشاة، وطبيعة التقاطع، بما يرفع كفاءة شبكة الطرق، ويعزز مستوى السلامة.
وبيّن أن أمانة الشرقية، شرعت في استبدال الإشارات الضوئية بدورانات وتصاميم بديلة، معتمدة في ذلك على دراسة شاملة لكل موقع من المواقع لتحديد الحل الأمثل بالنسبة لكل منها، وذلك وفق حجم الحركة المرورية فيه، وكثافة المشاة، وطبيعة التقاطع، بما يضمن تعزيز السلامة المرورية ويرفع كفاءة شبكة الطرق.
فوائد وتحديات
بيّن الزهراني أن استبدال الإشارات الضوئية، بعدد من الدورانات والتصاميم البديلة وفق وضع كل موقع تحقق جملة من الفوائد، حيث تحسن انسيابية الحركة المرورية، وتقلل زمن الرحلة، وترفع كفاءة استخدام الطرق، وتخفّض معدلات الازدحام والاختناقات المرورية، خاصة في أوقات الذروة، كما تقلل نقاط التقاطع بين المركبات بفضل التصاميم المدروسة للدورانات وغيرها من الحلول المرورية، ما يعزز السلامة المرورية.
لكنه استدرك موضحًا أن اللجوء إلى مثل هذه الحلول ليس قرارًا يسيرًا وبسيطًا، حيث تواجهه جملة من التحديات التي لابد من التغلب عليها، ومنها على سبيل المثال تحدي التأقلم مع النمط الجديد، حيث يحتاج بعض السائقين إلى فترة للاعتياد على المسارات الجديدة، ويمكن تقليص هذه الفترة ومساعدة السائقين عبر استخدام لوحات إرشادية.
ومن التحديات كذلك ضرورة ملاءمة التصميم لجميع أنواع المركبات، والمشاة، وذوي الإعاقة، مع ضرورة الإلتزام بالمعايير الهندسية لضمان سلامة وراحة جميع مستخدمي الطريق.
كما أشار إلى أنه من التحديات كذلك تحدي ضبط السرعات، فغياب الإشارات قد يؤدي إلى زيادة السرعة، ما يستدعي تطبيق وسائل تهدئة مرورية وأنظمة رقابة ذكية، إضافة إلى التحديات الجغرافية، حيث تتطلب بعض الحلول المرورية مساحات كبيرة للتنفيذ، وهو تحدٍ يتم التغلب عليه من خلال إيجاد حلول أخرى تناسب طبيعة التقاطع.
الاستجابة الإسعافية
بدوره، أكد أمين عام لجنة السلامة المرورية في المنطقة الشرقية عبدالله الراجحي، أن فكرة إلغاء الإشارات المرورية في عدد من طرق المنطقة واستبدالها بالالتفافات جاءت بعد دراسة موسّعة أجرتها عدة جهات معنية، وحققت نجاحات ملموسة أسهمت في عدد من الإيجابيات، أبرزها تحسين انسيابية الحركة المرورية، وتقليل زمن التوقف والانتظار مقارنة بالإشارات الضوئية، إضافةً إلى خفض معدلات الازدحام خلال ساعات الذروة، خصوصًا على الطرق الرئيسية والشريانية، وأسهم ذلك في رفع كفاءة شبكة الطرق بالمنطقة الشرقية، وتعزيز السلامة المرورية، فضلًا عن الحد من الحوادث الناتجة عن قطع الإشارة الحمراء أو التسارع قبل تحولها إلى اللون الأحمر، كما لعب المشروع دورًا في تحسين زمن الاستجابة الإسعافية والدفاع المدني.
معابر بديلة وآمنة
أضاف الراجحي، أن أي خطوة تطويرية تواجه مجموعة من التحديات، ومن أبرز ما واجهه مشروع استبدال الإشارات بالالتفافات في المنطقة الشرقية هو أن بعض الطرق القائمة لا تتوافر بها أحرام طرق تسمح بتنفيذ التفافات آمنة، إضافة إلى احتمال زيادة مسافة الرحلة لبعض السائقين للوصول إلى وجهاتهم بعد إلغاء الإشارات، كما شكّل تغيير سلوك السائقين تحديًا في المراحل الأولى، حيث لم يعتد البعض على النمط الجديد، مما قد يسبب ارتباكًا أو مخالفات، فضلًا عن الحاجة لضمان السلامة في نقاط الالتفاف التي قد تتسبب في حوادث خلفية أو جانبية إذا لم تُصمم بالشكل الأمثل، إلى جانب التأثير المحتمل على حركة المشاة والدراجات في حال غياب معابر بديلة وآمنة.
وأوضح أن معالجة هذه التحديات تطلبت تصميمًا هندسيًا متكاملًا يضمن تنفيذ المشروع وفق أعلى معايير الجودة، مع الالتزام بكود الطرق السعودي، ومعايير التصميم العالمية من خلال دراسة السرعات، وأنصاف أقطار الدوران، وأطوال مناطق التباطؤ والتسارع، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعوية لتعريف السائقين بآلية الحركة الجديدة قبل التشغيل الفعلي، وتوفير معابر آمنة للمشاة سواء عبر جسور أو أنفاق أو إشارات خاصة للمشاة في المواقع الحيوية.
متابعة شاملة
أشار الراجحي إلى أن «المشروع يخضع لمتابعة شاملة من جميع الجهات المعنية، بدءًا من إجراء دراسات التأثير المروري، وتحليل تدفق الحركة، وصولًا إلى تحديد المواقع المثلى لتنفيذ الالتفافات، وبعد اكتمال الدراسات، يتم تطبيق المشروع بشكل مرحلي، بدءًا بمناطق مختارة كتجربة أولية، ثم التوسع في التطبيق بعد تقييم النتائج».
مراعاة الحافلات
من جانبهم، اشتكى بعض السائقين من تباعد المسافات بين كل دوران للخلف والدوران التالي، مؤكدين أن ذلك يسبب كثيرًا من التوتر، على الأخص لمن فاته الدوران من أحد تلك الدورانات حيث يضطر أحيانًا إلى قطع مسافة طويلة ريثما يجد الدوران التالي له.
كما شدد عدد من السائقين، من بينهم ناصر الزيد، وصادق الحدب، وفؤاد القطان، على ضرورة مراعاة اتساع المسار الداخلي لموقع «الالتفاف»، بما يسمح بعبور الحافلات المدرسية الكبيرة بيسر وسهولة، مجمعين على أن بعض مواقع الالتفافات تشهد تأخيرًا في حركة الحافلات في أوقات الذروة، مع توجه الطلبة إلى المدارس في الصباح الباكر أو عودتهم منها عند الظهيرة، وذلك بسبب ضيق «الالتفاف»، وعدم مناسبته لحجم المركبة «الحافلة»، وكذلك الشاحنات، وأنه قد يتطلب وقتًا طويلًا ويسبب تداخلا بين المركبات في موقع الالتفاف.
وشدد هؤلاء على ضرورة مراعاة حجم جميع المركبات عند تصميم الالتفاف، مقترحين تخصيص بعض الالتفافات للمركبات الصغيرة فقط، وإلزام المركبات الكبيرة بالدوران من مواقع التفاف مخصصة لها.
نزع ملكيات
شدد الزيد والحدب والقطان على أنه على الرغم من الإيجابيات الكثيرة التي يحققها استبدال الإشارات بدورانات في المسار، إلا أن المعاناة الأكبر في ذلك تبرز عند وقوع حادث داخل نقطة «التخزين» في الالتفاف، ما يسبب توقفًا تامًا لحركة المركبات، مطالبين بزيادة مواقع «الالتفاف» على المسار الواحد، لتفادي التعطل عند وقوع الحوادث، واستخدام الالتفاف الآخر القريب، وأن تكون المسافة بين الالتفافات معقولة، وليست طويلة، كأن تكون بين الالتفاف والآخر في حدود 2 كيلومتر في المدن، و10 كيلومترات في الطرق الخارجية.
ومع الإيجابيات التي أجمعوا عليها لاستبدال الإشارات بالدورانات، اقترحوا نزع ملكيات العقارات المحيطة بالطرق لتوسع الطرق في المسارين، وتنفيذ نقاط التفاف مزودة بمناطق تخزين للمركبات، وضرورة مراعاة السلامة المرورية، بوضع لافتات وإشارات وألوان وإضاءة في موقع الالتفاف بما يضمن السلامة للجميع.
تكدس المركبات
رأى الزيد والحدب والقطان أن الاستغناء عن الإشارات الضوئية تحول إيجابي مهم، خصوصًا أنها تتسبب في تكدس المركبات لأرتال طويلة، قد تمتد في زمن الذروة في الإشارة الضوئية إلى 4 دقائق، وقد يتطلب الانتظار في بعض الإشارات أكثر من دورة زمنية واحدة، علاوة على أنه من الضروري إتاحة الفرصة للسائقين عند إغلاق الإشارات الضوئية باستخدام طرق أخرى بديلة، لتشتيت الزحام إلى عدة مسارات وتقاطعات أخرى بدلًا من التجمع في تقاطع واحد.
وبينوا أن التطبيق الميداني لإلغاء الإشارات في بعض التقاطعات أعطى تحسينًا في سلاسة الحركة، وتقليلا للتوقف عند الإشارات، وتحسينًا لتدفق الحركة المرورية، وتقليل الازدحام.
فوائد استبدال الإشارات الضوئية بالدورانات للخلف
– تحسين انسيابية الحركة المرورية.
ـ تقليل زمن الرحلة.
ـ رفع كفاءة استخدام الطرق.
– خفض معدلات الازدحام والاختناقات المرورية.
ـ تقليل نقاط التقاطع بين المركبات.
ـ تقليل زمن التوقف والانتظار مقارنة بالإشارات الضوئية.
ـ الحد من الحوادث الناتجة عن قطع الإشارة الحمراء أو التسارع قبل تحولها إلى اللون الأحمر.
ـ تحسين زمن الاستجابة الإسعافية والدفاع المدني.
صعوبات وتحديات استبدال الإشارات المرورية بالدورانات للخلف
ـ الحاجة للوقت للتأقلم مع النمط الجديد.
ـ ضرورة ملاءمة التصميم لجميع أنواع المركبات والمشاة وذوي الإعاقة.
ـ ضرورة الالتزام بالمعايير الهندسية لضمان سلامة وراحة جميع مستخدمي الطريق.
ـ ضبط السرعات التي قد تزيد مع غياب الإشارات.
ـ الحاجة إلى تطبيق وسائل تهدئة مرورية وأنظمة رقابة ذكية للسرعات.
– بعض الحلول المرورية تتطلب مساحات كبيرة للتنفيذ.
ـ احتمال زيادة مسافة الرحلة لبعض السائقين.