
دلال الطريفي : الأحساء
في زمنٍ تتسارع فيه التحولات التقنية وتتعاظم فيه التحديات التربوية، يبرز المعلم المبدع كركيزة أساسية في بناء أجيال قادرة على الإبداع والمنافسة عالميًا.
من بين هؤلاء المتميزين يسطع اسم المعلم عبد المنعم علي العبدالله، الذي جمع بين شغفه بالرياضيات وخبرته في توظيف التقنية داخل التعليم؛ ليُحقق إنجازات نوعية محلية وخليجية وعربية، آخرها الفوز بالمركز الثالث في جائزة الداتاثون التربوي الخليجي بمسار توظيف التقنية في التعليم على مستوى دول مجلس التعاون، في هذا الحوار، نقترب من تجربته الملهمة، ونتعرف على رؤيته لمستقبل التعليم ودور التقنية في الارتقاء به.
1. بدايةً نبارك لكم هذا الإنجاز.. كيف استقبلتم خبر فوزكم بالجائزة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي؟
الحمد لله على هذا التوفيق، كان خبر الفوز مصدر فخر واعتزاز لنا جميعًا في الميدان التعليمي، إذ يُمثل ثمرة جهد مستمر ورؤية واضحة لتوظيف التقنية في خدمة التعليم، والأجمل أن هذا الإنجاز أسهم في رفع راية الوطن عاليًا في محفل خليجي تربوي رفيع المستوى.
2. ماذا يعني لكم الفوز بجائزة الداتاثون التربوي الخليجي، خصوصًا في مسار توظيف التقنية في التعليم؟
يُمثل هذا الإنجاز تأكيدًا على أن التعليم المبني على رؤية واضحة ودعم تقني يفتح آفاقًا جديدة للطلاب والمعلمين. الفوز وسام شرف يحفزنا على مواصلة تقديم المزيد من المبادرات والمشاريع النوعية.
3. هل كنتم تتوقعون الوصول إلى منصة التتويج، وما الذي ميز تجربتكم عن غيرها من المشاركات؟
الوصول إلى منصة التتويج كان استمرارًا لمسيرة عمل وجهد متواصلين، حظينا خلالها بتحقيق جوائز محلية وخليجية وعربية، وما ميز هذه التجربة أنها ركزت على توظيف التقنية بما فيها الذكاء الاصطناعي، ودمج STEM داخل العملية التعليمية، واستجابت لاحتياجات واقعية داخل الصف، مع الجمع بين الإبداع في الفكرة والواقعية في التطبيق.
4. حدثنا عن المشروع أو المبادرة التي قدمتموها في المسابقة.. ما فكرتها وأهدافها الرئيسة؟
المشروع يحمل عنوان “مهارات المستقبل للجميع”، ويستجيب للتحولات السريعة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث يركز على إثراء منهج الرياضيات عبر دمج منحى STEM، وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتقنيات التفاعلية، ويهدف إلى تنمية التفكير النقدي والإبداعي، وربط المعرفة العلمية بالواقع اليومي للطلاب، وتعزيز الابتكار استعدادًا لمتطلبات القرن الحادي والعشرين وتحقيق رؤية المملكة 2030.
5. كيف ساهم المشروع في تحسين تجربة التعليم أو تطوير العملية التعليمية داخل البيئة الصفية أو المدرسية؟
حوّل المشروع الصف إلى بيئة تعلم نشطة وتفاعلية، دمج فيها STEM وربط العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالتطبيق العملي، حيث استفاد الطلاب من الأنشطة التفاعلية والمساعد الذكي “MY MATH AI” الذي وفر دعمًا فرديًا وتغذية راجعة فورية وراعى التعليم المتمايز، مما عزز الدافعية، وسهّل استيعاب المفاهيم، ورفع مستوى التعاون والعمل الجماعي.
6. ما أبرز التحديات التي واجهتكم في تطبيق هذه التجربة، وكيف تغلبتم عليها؟
أبرز التحديات كانت تغيير ثقافة بعض الطلاب والمعلمين تجاه التعلم القائم على المشروعات ومنهجية STEM والذكاء الاصطناعي، تغلبنا عليها من خلال التدريب المستمر، والأنشطة العملية التي أظهرت أثر التقنية في تبسيط المفاهيم، ودعم المساعد الذكي الطلاب بشكل فردي، مما عزز الثقة بالتجربة.
7. برأيكم ما الدور الذي يمكن أن تلعبه التقنية في الارتقاء بمستوى التعليم والتعلم في عالمنا العربي والخليجي
التقنية، عند دمجها مع STEM، تمثل محركًا رئيسًا للارتقاء بجودة التعليم، فهي تربط المعرفة بالتطبيق، وتفتح المجال للتعلم التفاعلي والإبداعي، وتمكّن الذكاء الاصطناعي من تقديم تعليم شخصي لكل طالب، وهي فرصة إستراتيجية لتسريع التحول نحو تعليم مبتكر وتنافسي عالميًا.
8. كيف ترون مستقبل التعليم الرقمي بعد التجارب التي أثبتت فعاليتها، خصوصًا في ظل التحولات المتسارعة بعد جائحة كورونا؟
مستقبل التعليم الرقمي يتجه نحو التعليم المدمج، الذي يجمع بين الحضوري والتقنيات التفاعلية.
التجارب أثبتت أن الذكاء الاصطناعي والتعلم القائم على المشاريع تمنح الطلاب تجربة أعمق وأكثر واقعية، وستصبح معيارًا أساسيًا في مؤسساتنا التعليمية.
9. ما الدروس التي يُمكن للمعلمين والطلاب استلهامها من تجربتكم في توظيف التقنية لخدمة التعليم؟
أهم درس هو أن دمج منهجية STEM مع أدوات الذكاء الاصطناعي يجعل التعليم أكثر وضوحًا وارتباطًا بحياة الطالب.
على المعلم أن يوظف التقنية لتعميق الفهم، والطالب أن يستفيد من الفرصة للتعلم الذاتي، والتجريب، والابتكار بما يتجاوز حدود الكتاب المدرسي.
10. ما هي خططكم المستقبلية لتطوير المشروع أو المشاركة في مبادرات تعليمية جديدة على المستويين المحلي والخليجي؟
نسعى لتوسيع نطاق المشروع ليشمل مجموعة متنوعة من المناهج والمواد الدراسية، وتطوير منصة متكاملة لدعم التعلم التفاعلي والأنشطة العملية لجميع الطلاب، كما نعمل على إقامة شراكات استراتيجية خليجية لتبادل الخبرات، والمشاركة في مبادرات إقليمية ودولية تهدف إلى نشر التجربة وتعميمها، بما يسهم في رفع جودة التعليم وتعزيز الابتكار في الميدان التربوي.
11. كلمة أخيرة تودون توجيهها للزملاء في الميدان التعليمي، وللطلبة الذين يستفيدون من هذه المبادرات التقنية.
لزملائي المعلمين: أنتم قادة التغيير، والتقنية بما فيها الذكاء الاصطناعي أداة قوية لبناء تعليم نوعي ومُلهم، مع الحرص على توظيفها وفق أخلاقيات التعليم واستخدام الذكاء الاصطناعي.
ولأبنائنا الطلاب: أنتم صُنّاع المستقبل، تعلموا بجد، استثمروا التقنية والذكاء الاصطناعي في اكتساب المهارات مع الالتزام بأخلاقياتها، وكونوا دائمًا على استعداد لبناء وطنكم وخدمة أمتكم.
ختامًا، تجربة المعلم عبد المنعم علي العبد الله تؤكد أن التعليم حين يقترن بالإبداع والتقنية يصبح أداة فاعلة للتغيير وبناء المستقبل؛ فمسيرته الحافلة بالمنجزات وجوائزه المرموقة تُمثل رسالة واضحة للمعلمين والطلاب على حد سواء: أن الشغف بالتعلم، والقدرة على التجديد، وتوظيف التقنية بروح مسؤولة، هي مفاتيح النجاح في عصر المعرفة، وما بين طموحاته المقبلة ورؤيته المُلهمة، يظل العبدالله نموذجًا للمعلم القدوة الذي يرفع اسم وطنه عاليًا في المحافل التربوية والإبداعية.