أقلام

رحل الدهنين الصادق في نعيه

أحمد العطافي

ارتحل إلى جوار ربه بعد مسيرة زاخرة بالعطاء والإخلاص في خدمة المنبر الحسيني وإحياء الشعائر في محافظة الأحساء .فراقه كان موجعًا للقلب ثقيلًا على النفوس التي اعتادت أن ترتوي من نبرة صوته الولائي وتخشع مع دموعه الصادقة في مجالس العزاء. رحل من كان يحيي القلوب بندب الحسين ومن كانت كلماته تلامس الأرواح قبل الآذان.

إنه: الرادود الحسيني خادم أهل البيت عليهم السلام ملا عبد الحميد الدهنين صاحب الصوت الشجي المحمل بثقل الرسالة وصدق العزاء وحرارة الفقد، فهو الذي يُحيي القلوب ويوقظ الضمير ويذكرنا بأن “كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء”.

الفقيد السعيد كان علمًا من أعلام العزاء في محافظة الأحساء وصوتًا مؤثرًا في المجالس تشهد له المنابر والمآتم بما قدمه من عطاء روحي. وقد نال حب الناس بإخلاصه وتواضعه وترك بصمة لا تُنسى في وجدان كل من عرفه أو سمعه لأنه صادق في نعيه نقيًّا في نيته تعلق به الصغير قبل الكبير وارتبطت المجالس بصوته حتى بات حضوره علامة من علامات موسم العزاء.

كان من الأصوات الندية التي عشقتها القلوب، ومن الرواديد الذين كرسوا حياتهم لنقل مآسي كربلاء بكل صدق وتأثر. فكان حضوره في المجالس باعثًا للخشوع وصوته عنوانًا للولاء فرحيله خسارة كبيرة للمجتمع الحسيني. ولكن عزاؤنا أنه ترك إرثًا ولائيًّا خالدًا وذكراه ستظل حية في قلوب المحبين.

الدهنين: رادود حقيقي لم يلهث خلف الشهرة بل حمل على عاتقه اللواء الحسيني بعين باكية وصوت خاشع، فخلد اسمه مع المخلصين في خدمة المنبر الحسيني. هكذا تصنع الخلود في مجالس الحسين، ليس بالمقامات الداخلة وإنما بالدمعة الصادقة والصوت الراجف من الهيبة.

وقفة .. لعل قصيدة “يا علي شيل الوسادة غمضت عين النبي” تعد من أشهر وأبرز القصائد التي ارتبطت باسمه رحمه الله – وقد عرفت بتأثيرها العاطفي العميق في المجالس الحسينية، ولا سيما في أيام ذكرى وفاة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

فالقصيدة ليست مجرد كلمات، بل نواح خرج من قلب مؤمن نقشت في ذاكرة المحبين وأصبحت جزءًا من طقوس الحزن النبوي التي لا تنسى. فلقد أبدع الدهنين -رحمه الله- في أداء هذه القصيدة وجعل منها أيقونة صوتية تتردد في بيوت العزاء، وتستحضر في كل موسم فقد ومصاب. إنها ليست قصيدة عابرة وإنما أمانة وجدانية تركها الراحل الكبير لتبقى شاهدة على إخلاصه وصدق حزنه وارتباطه العميق بأهل البيت عليهم السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى