رحل الحريب ولكن إرثه باقٍ في القيم

أحمد العطافي
بمزيد من الحزن والأسى ودعنا اليوم الشيخ كاظم بن ياسين الحريب الذي رحل عن دنيانا بعد حياة حافلة بالعطاء والإصلاح وخدمة المجتمع مخلفًا أثرًا طيبًا في نفوس كل من عرفه بما تميز به من حكمة وتواضع وخلق رفيع فقد كان رحمه الله أبًا روحيًّا وناصحًا أمينًا وسندًا لكل صاحب حاجة أو مظلمة لم يتأخر يومًا عن بذل الخير وكان عنوانًا للصفاء وصوتًا هادئًا للحكمة في زمن كثرت فيه الضوضاء.
لقد خسر المجتمع برحيله رجلًا لا يعوض وركنًا من أركان الصلح والفضل ووجهًا مشرقًا من وجوه الأحساء الطيبة، فكم من خصومة أنهاها وكم من محافل نال فيها التقدير والمحبة الصادقة.
برحيل الشيخ كاظم الحريب فقدت الأحساء واحدًا من رجالها الأوفياء وعلمًا من أعلامها الذين عُرفوا بالحكمة والخلق والإصلاح ولم يكن الشيخ مجرد رجل دين بل كان صوت العقل في أوقات التوتر، ووجه الخير في دروب الناس، وركيزة من ركائز الوعي الاجتماعي والديني في بلدته.
إن الحديث عن الشيخ كاظم الحريب – رحمه الله – لا يقتصر على شخصية دينية أو اجتماعية فحسب إنما أتحدث عن رجل حمل هم مجتمعه وكان حاضرًا في قضاياهم مؤمنًا بأن الإصلاح لا يتم إلا بالحوار وبأن الدين لا يكتمل إلا بالأخلاق.
فهو أنموذج للاتزان والوقار لا يطلب الظهور ولا يسعى خلف الأضواء، ولكنه حين يتكلم يصغي الجميع وحين يبادر يجد القبول لأنه كان صادقًا مع نفسه مخلصًا لمجتمعه نزيهًا في مواقفه محبًّا للجميع. فقد ترك بصمات واضحة في مجالس الصلح وفي ساحات النصح وفي قلوب الشباب الذين وجدوا فيه الأب والمعلم وفي أروقة المساجد التي عرفته إمامًا متواضعًا لا يثقل على أحد بما يقدمه.
رحل الحريب، ولكن إرثه باقٍ في القيم التي زرعها في طيب سيرته وفي ملامح وجهه الهادئة وصوته الدافئ – رحمك الله يا أبا محمد فقد كنت رجلًا بمواقف لا تنسى وقامة تحترم وقلبًا نابضًا بالرحمة. غفر الله لك وجعل مقامك في عليين وأجرى عليك أجر المصلحين والصالحين وحشرك مع النبي محمد واهل بيته الطاهرين.




