أقلام

الدكتور ياسين الرصاصي: ثلاثة عقود من الكفاءة والإنسانية في جراحة العظام

د. حجي الزويد

في سجلّ الأطباء الذين نذروا حياتهم للشفاء، يبرز اسم الدكتور ياسين محمد الرصاصي كنبضة ضوء تنعكس على مفاصل الزمن، وكجرّاحٍ صاغ مهارته من تراكم الخبرة، وصقلها بنبض العلم والسفر والمعرفة. هو واحد من أولئك الذين كان لهم دور فاعل وبارز في الارتقاء بمستوى جراحة العظام في الأحساء إلى درجة عالية ومتقدمة جدًّا.

البدايات العلمية والتأسيس المهني:

يُعدّ الدكتور الرصاصي أحد أبرز استشاريّي جراحة العظام في المنطقة الشرقية، وواحدًا من الأسماء التي أسهمت في تطوير هذا التخصص على مدى أكثر من ربع قرن من الخبرة الإكلينيكية والتدريب والتعليم.

تخرّج من جامعة الملك فيصل بالدمام حاصلًا على بكالوريوس الطب والجراحة في 10 فبراير 1994، ثم بدأ خطواته الأولى في التدريب المهني عبر برنامج حافل في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر عام 1995م.

تخصص دقيق وخبرة متراكمة:

واصل مسيرته التخصصية بخمس سنوات من التدريب المكثف بين 1997م و2002م، حصل خلالها على:

• البورد السعودي لجراحة العظام – يناير 2003

• البورد العربي – أبريل 2003

هذه المؤهلات رسّخت مكانته كجرّاح عظام معتمد وفاعل على المستوى الوطني والإقليمي.

من الخبرة إلى الريادة: سيرة الرصاصي في جراحة العظام

عرفته غرف العمليات شاهدًا على دقته ومهارته، وتعرّفت إليه مفاصل المرضى كجرّاحٍ يلمس الألم قبل أن يلمس المشرط.

امتلك خبرة واسعة في:

• جراحات الكسور والتثبيت الحديثة

• مناظير الركبة

• جراحات استبدال الرباط الصليبي

•ًتقنيات إليزاروف في تطويل العظام ومعالجة التشوهات

وكانت رحلته التدريبية في مركز إليزاروف بمدينة كورغان الروسية محطة مفصلية في مسيرته، أعطته تفوّقًا في هذا المجال الدقيق.

الدكتور الرصاصي: ربع قرن من المهنية، والإتقان، وتخريج الأجيال:

لم يكن الرصاصي مجرد جرّاح، بل معلّم وصانع أجيال، بل تولّى مهامًا تعليمية مهمة، من أبرزها:

• مدرس إكلينيكي للبورد السعودي

• مدير برنامج البورد السعودي لجراحة العظام بمستشفى الملك فهد بالهفوف (2011–2015)

وقد أسهم خلال ذلك في تخريج دفعات من الجراحين الذين أصبحوا اليوم جزءًا من النسيج الطبي الوطني.

عطاء إداري ومناصب راسخة:

شغل عددًا من المناصب المهنية، من بينها:

• رئيس قسم جراحة العظام (2005–2010)

• استشاري جراحة العظام بمستشفى الملك فهد بالهفوف منذ 2005 وحتى اليوم.

وحافظ طوال هذه السنوات على نسق عالٍ من التطوير المهني والالتزام بالخدمة الصحية.

حضور علمي واسع وانفتاح على الخبرة العالمية:

لم يغِب الرصاصي عن ساحات التعليم الطبي العالمية، فقد كان حاضرًا في عشرات المؤتمرات والورش المحلية والدولية، متنقّلًا بين الخليج وأوروبا لاكتساب أحدث المهارات في:

• إصابات الملاعب

• تنظير المفاصل

• جراحة العمود الفقري

• جراحات الأطفال

• برامج الدعم المتقدم للحياة في الإصابات (ATLS)

كما يحمل عضوية:

• الأكاديمية الأمريكية لجراحة العظام (عضو دولي منتسب)

• الجمعية السعودية لجراحة العظام

روح متواضعة وخلق رفيع:

ورغم ما يحمله من خبرة ومكانة، يبقى الدكتور ياسين صاحب روح تواضع عالية، لا تفارقه سواء في غرفة العمليات أو في العيادات أو في قاعات التدريب.

يقف أمام مرضاه بخلق الطبيب الإنسان، ويقف أمام طلابه بوقار المعلّم الذي يحترم العلم قبل أن يُعلّمه.

هذا البعد الأخلاقي هو ما جعل محبته راسخة في قلوب المرضى والزملاء والمتدرّبين.

عطاء توعوي ومسؤولية مجتمعية:

لم يقتصر دوره على المستشفى، بل كان حاضرًا في المجتمع من خلال:

• مشاركات توعوية في لقاءات صحية واجتماعية

• حضور ملتقيات تثقيفية حول إصابات الأطفال والرياضة

• نشر رسائل توعوية حول الوقاية والعلاج وإصابات الجهاز الحركي

• دعمه للنشاطات الصحية التطوعية في المنطقة.

كان حضوره في هذه الفعاليات يحمل دائمًا بصمة الإنسان الذي يرى في التوعية جزءًا من رسالته المهنية.

اهتمامه العالي بمرضاه:

يمتاز الرصاصي بمتابعة دقيقة لمرضاه، وصبر كبير في شرح الخطة العلاجية، وإيمانٍ بأن المريض شريك في القرار لا متلقّيًا فقط.

ولذلك شكّل حضوره في العيادة حالة خاصة؛ يجمع بين:

• اللطف في التعامل

• الدقة في الفحص

• الحكمة في القرار

• والرحمة قبل وصف العلاج

خاتمة: الرصاصي، الطبيب الإنسان:

إن سيرة الرصاصي تمثل أنموذجًا للطبيب الذي جمع بين الخبرة الواسعة، والممارسة المتقنة، والخلق الرفيع، والعطاء التعليمي، والروح المجتمعية.

وقد ترك خلال مسيرته الحافلة بصمة واضحة في القطاع الصحي بالأحساء، وأسهم في الارتقاء بجراحة العظام وتعليمها وخدماتها للمرضى والمجتمع.

وما يزال الرصاصي، بعطائه الهادئ وحضوره العلمي، يكتب بفنه فصلًا مضيئًا من فصول الطب في الأحساء؛ طبيبًا يرمّم العظم، ويرمّم معه شيئًا من حياة المريض وطمأنينته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى