أقلام

أشرف الأحمد

أشرف الأحمد

يقول أحد الطلاب: كنت أفكر أن أترك الجامعة، ولكن كلمة قالتها أمي غيرت كل شيء! قالت له بثقة وحب وإخلاص: أنا أراك ناجحًا يا ولدي! لم تكن أمه خبيرة في المسارات المهنية، ولم تقدّم خطة واضحة، ولكنها قدّمت أهم ما يحتاجه الأبناء في اللحظات الحرجة: دعم صادق، ومساحة آمنة للاكتشاف، وحوارًا بلا أحكام مسبقة.

هذه القصة تختصر الدور الحقيقي للعائلة في بناء وعي الأبناء تجاه مستقبلهم المهني، وهو دور يبدأ من البيت قبل أن يبدأ من المدرسة أو الجامعة.

أولًا: بناء الوعي المهني داخل البيت

يحتاج الأبناء الى رؤية اوسع للحياة والعمل. ويمكن للوالدين بناء هذا الوعي عبر:

– الحديث عن الوظائف والمهارات اللازمة للمستقبل بلغة بسيطة وواضحة.

– ربط اهتمامات الأبناء اليومية بأفكار مهنية مثل: لماذا تحب الرسم؟ هل يمكن أن يرتبط ذلك بتصميم الجرافيك او الهندسة؟

– تشجيع الأبناء على التجربة بدلًا من الحكم المبكر على قدراتهم.

ثانيًا: مرحلة المدرسة (اكتشاف الذات والفضول)

هذه المرحلة هي الأنسب لغرس مهارات الاستكشاف لدى الأبناء. يمكن للوالدين المساهمة عبر:

– ملاحظة ما يجذب الابن أو الابنة وتشجيعه على التجربة.

– توفير فرص تطوع مناسبة لتنمية الثقة والمهارات الاجتماعية.

– التحدث مع الأبناء حول ما يتعلمونه في المدرسة وربطه بالحياة الواقعية وسوق العمل.

ثالثًا: مرحلة الجامعة (بناء المهارات والمسار)

بعد دخول الجامعة، يحتاج الأبناء الى توجيه أكثر نضجًا:

– مساعدتهم على اختيار اختصاص يتوافق مع قدراتهم واهتماماتهم وليس رغبات المجتمع فقط.

– تشجيعهم على التدريب التعاوني والبرامج المهنية والأعمال التطوعية، فهي التي تصنع سيرتهم الذاتية.

– دعمهم لتطوير المهارات، سواء المهارات التقنية والفنية (المهارات الصلبة) مثل البرمجة، إعداد الحسابات المالية، إدارة المشاريع أو المهارات السلوكية (المهارات الناعمة) مثل التواصل الفعال، العمل ضمن فريق، التفكير النقدي.

رابعًا: الباحثون عن عمل (الدعم النفسي والمهني)

هذه المرحلة قد تكون مليئة بالإحباط. دور الوالدين هنا حاسم:

– توفير بيئة داعمة بعيدًا عن الضغط والانتقاد.

– مساعدتهم في تنظيم البحث عن عمل ومراجعة سيرتهم الذاتية.

– تشجيعهم على الالتحاق بدورات قصيرة وتحسين مهارات المقابلات.

– توجيههم لطلب النصيحة من مرشد مهني معتمد لمراجعة السيرة الذاتية والتدرب على المقابلة الوظيفية وغيرها من خدمات يقدمها المرشد المهني على أسس صحيحة.

خامسًا: الموظفون الجدد (التكيف مع الواقع)

بعد الحصول على الوظيفة، يحتاج الأبناء الى من يساعدهم على فهم بيئة العمل:

– الحديث معهم عن تحديات البداية وأنها أمر طبيعي.

– تشجيعهم على بناء علاقات مهنية والالتزام بتعلم مهارات جديدة.

– مساعدتهم على وضع أهداف صغيرة قصيرة المدى لتعزيز الثقة بأنفسهم.

توصيات

العائلة ليست بديلًا عن المرشد المهني، ولكنها الجذر الذي تستند اليه رحلة الأبناء. وفيما يلي توصيات عملية مختصرة:

1. خصصوا جلسة اسبوعية قصيرة للحوار حول تجارب الأبناء وما استفادوا من كل تجربة. ​

2. وفروا للأبناء تجربة جديدة كل شهر: تطوع، دورة قصيرة، زيارة مهنية.

3. امنحوا الأبناء مساحة للتجربة والخطأ بلا خوف من اللوم.

4. تواصلوا مع مرشد مهني معتمد لأخذ النصيحة والتوجيه حسب الفئة العمرية للأبناء.

5. ادعموا ثقتهم بأنفسهم، فالكلمة الصادقة قد تغير مساراً كاملًا.

بهذه الأدوات، يمكن للأسرة أن تصبح أول بوابة لبناء وعي مهني حقيقي، وتضع الأبناء على طريق مهني أكثر وضوحًا واستقرارًا، فالمستقبل يبدأ بكلمة دعم واحدة تقولها اليوم لابنك أو ابنتك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى