أقلام

كتاب (هكذا عرفتهم) لجعفر الخليلي

عبدالله الرستم

كثيرون من القرّاء سمعوا أو قرأوا كتاب (هكذا عرفتهم) لمؤلفه جعفر الخليلي، الذي انتشرت طباعته الكاملة في سبعة أجزاء عن دار المحجة البيضاء ببيروت عام 1430هـ (2009م)، وهو كما يعبّر عنه الخليلي نفسه: (عرض موجز لجانب من حياة بعض الأشخاص الذين كان لهم ذات يومٍ بعض الشأن في الحياة العامة والخاصة أو هو في الواقع)، والتي نشرها في عدة صحف ومجلات حينها، مثل: (مجلة الهاتف، مجلة العرفان اللبنانية، جريدة اليقظة، جريدة الأخبار) وبعض تلك التوثيقات لم يذكر مكان نشرها، إلا أنّها منسجمة مع فكرة الكتاب التي سجّلت أحداثًا مختلفة عن الشخصيات التي التقاها خلال مسيرة حياته، وهذا اللون من التأليف قد يكون مبتكراً حينها، حيث يقول الخليلي: (عرض موجز لبعض ما احتفظت به الذاكرة عن بعض من عرض لي في طريق الحياة وكيفية تعرّفي بهم وماهيّة هذا التعرّف ولونه، وهو لونٌ من الأدب والتاريخ المبتكر) وقال: (وإنني لم أجارِ في عرضه أحدًا من قبل، ولم يسبق لي أن قرأتُ عرضًا على هذا النسق يجمع بين الأدب والتاريخ، ويربط بين النواحي الخاصة والعامة …الخ).

والكتاب يتحدث عن شخصيات كثيرة، منهم علماء وفقهاء وأدباء ومفكرون وسياسيّون وغيرهم، مبتعداً في توثيقاته عن الأمور التي لا ينبغي ذكرها بناءً على (ما كل ما يُعرف يُقال)، وقد بدأ نشر هذه الحلقات عام 1942م، وقد تحدث عن عشرات الأشخاص.

وحسب الاطلاع أن العنوان له نظيرٌ فيمن جاء بعده، فقد كتب عدةٌ من المؤلفين كتباً على نسق (هكذا عرفتهم)، فقد اقتبستُ شيئاً مما كتبه أولئك في مقدمات كتبهم، وهي على النحو التالي:

(1) هكذا قرأتهم، للشيخ الدكتور/ عبدالهادي الفضلي (ت 1434هـ – 2013م): وهو كتابٌ طُبع في جزأين عام (1422هـ)، بعناية السيد/ حسن الخليفة، وهو عبارة عن قراءات وأبحاث قدّمها الشيخ الفضلي في شخصيات علمية وأدبية راحلة من القرن الخامس حتى القرن الخامس عشر الهجري، وقد كُتبت تلك القراءات أو الأبحاث منذ مدة، حيث يقول السيد الخليفة في المقدمة: (تتشكل مادة هذا الكتاب من عدة مقالات ودراسات كتبها شيخنا العلامة الفقيه الدكتور الفضلي حول شخصيات علمية وأدبية، على حِقَبٍ زمنيّة متباعدة، قد تصل المسافة بين كتابة أقدمها وكتابة أحدثها أربعين سنة).

(2) هكذا رأيتهم، للشيخ الدكتور/ محمد حسين الصغير (1940 – 2023م): وهو كتابٌ طُبع في جزء واحدٍ عام (1422هـ)، وقد ذكر الدكتور الصغير الفرق بين كتاب الخليلي (هكذا عرفتهم) وكتابه هذا، حيث قال: (ولئن كتب رائد الصحافة العراقية جعفر الخليلي رحمه الله (هكذا عرفتهم) والمعرفة تكون عن قرب ومداخلة، والرؤية قد تكون عن قربٍ وعن بُعد، فهي رؤية ذهنية مجرّدة، وقد تصاحبها وتقرّبها الرؤية البصرية النافذة.

هكذا رأيتهم في قلبي وسمعي وبصري، فكانوا في الحديث كما رأيتهم، في عرضٍ جديدٍ، وأسلوب جديد، ومنظورٍ جديد، لستُ متزيّدًا في شيء، ولا مضيفًا ما لم يكن؛ بل كنتُ مقيّمًا ومقوّمًا في وقت واحد).اهـ.

وقد حوى كتاب الدكتور/ الصغير على ثماني شخصيات فقط، أعطى لكل شخصية صفة ما، وتنوّعت بين الشخصية الدينية واللغوية والجهادية.

(3) علماء عرفتهم، للقاضي الشيخ/ يوسف محمد عمرو (1367هـ – ….)، وهو كتابٌ طُبع في جزء واحدٍ عام (1427هـ)، وهي عبارة عن مقالات نُشر بعضها في مجلة العرفان اللبنانية، وأخرى في مجلة الحكمة، وبعضها مقتبسٌ من كتب أخرى للمؤلف.

يقول المؤلف عن كتابه هذا: (…بعض الذكريات عن علمائنا الأعلام من مراجعنا الكبار، ومن آيات الله العظام، وعن زملائي حجج الإسلام، ومن القضاة الأبرار منذ عام 1994م ولغاية 2003م).

(4) هكذا وجدتهم، لمؤلفه/ سلمان بن حسين الحجي (معاصر)، وهو كتابٌ طُبع في جزء واحد عام (1429هـ)، وهو عبارة عن مقابلات شخصية أجراها المؤلف مع (130) شخصية متنوّعة، منها شخصيات دينية وأدبية ورموز اجتماعية، تنوّعت الأسئلة كلٌ بحسب اهتمامه، أما عن سبب التسمية فيقول: (عرضتُ فكرة الكتاب على المؤرخ والأديب جواد بن حسين الرمضان [رحمه الله] فاختار لي اسمًا للكتاب وقال سمّه (هكذا وجدتهم)، وبعد ذلك أرشدني إلى تغيير اسمه إلى (شخصيات من المنطقة)، ولكني واجهتُ صعوبات في تغيير اسم الكتاب، خصوصًا أنه تم الإعلان عنه في كتاب لمحات من سيرة آية الله الشيخ/ محمد الهاجري (قده) وانتشر بهذا العنوان وأصبح الكثير يسأل عن كتاب (هكذا وجدتهم) قبل إصداره).اهـ.

وبحسب التواصل مع مؤلفه الحجي، أشار إلى أن الحاج جواد، تطرّق إلى كتاب (هكذا عرفتهم) للخليلي، وكتاب الشيخ الفضلي (هكذا قرأتهم)، وأن التسمية كانت مشتقة من هذين الكتابين.

(5) هكذا فهمتهم، للشيخ/ مجيد العقابي (معاصر)، وهو حلقات لم تُنشر بين دفّتي كتاب، إلا أنه ينشرها في الوقت الحالي على قناته في برنامج (التلجرام)، يسلّط الضوء على مشاريع علماء وباحثين ومفكرين في مجالات شتّى، كما يسلط الضوء بشكل عام ومختزل على أدوار تلك الشخصيات وما تركته من أثر إيجابي أو سلبي، أو بشكل أدق يحاول قراءة مشاريعهم قراءة حيادية بعيداً عن أي مؤثّرات، وهي مشروع كتابٍ حسب تواصلي معه وفقه الله.

وكذلك أفاد الشيخ العقابي، أنه اختار هذا العنوان دون مشابهة لكتابٍ أو تقليدًا لأحد.

هذا ما تسنّى لي الحديث عنه في تأثر بعض المؤلفين بتسمية كتبهم باسم كتاب جعفر الخليلي (هكذا عرفتهم) أو كان للصدفة طريقٌ إلى تشابه التسميات، حيث إن بعض أولئك الباحثين من صرّح أو أشار بذلك، ومنهم من لم يصرّح أو يشير، ولعلَّ اختيار هذه الطريقة ليست مقتبسة من كتاب الخليلي لا من قريب ولا من بعيد، نظرًا لأن بعض عناوين بعض الكتب سهلة الإنشاء، إلا أن اسم كتاب الخليلي اسمٌ مؤثّر وجاذبٌ في حينه، إضافة إلى شخصيته الثقافية التي لها حضورٌ في الأوساط الثقافية والعلمية جعلت لمؤلفاته حضورًا في الوقت ذاته، إضافة إلى أن مع تغيّر اسم الكتاب بشكل يسير، يشير إلى أن تلك الكتب مشابهةٌ إلى حدٍ ما مع كتاب الخليلي، واختلاف الكلمة الأخرى بعد كلمة (هكذا) تنمّ عن طبيعة الكلمة الأخرى كما أشار الدكتور الصغير والحجي. وتبقى العناوين التي تحدثتُ عنها مشاريع جميلة تحدثت عن أشخاص لهم بصماتهم المختلفة كلٌ وحسب اهتمامه، وما هذه المقاربة إلا محاولة قد تكون صائبة وقد تكون غير ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى