
سليمة آل سلمان
لأن الإنسان بطبعه أجتماعي ولا يمكن أن يعيش العزلة المطلقة، لا بد أن يعيش في محيط أسرة، ومن الطبيعي أن تصادفه في هذه العلاقات الأجتماعية الخاصة أو العامة كثير من المواقف والأحداث
بعضها فيه أذى، أو ظلم، أو تقصير،
أو خطأ.
من هنا يرد سؤال: كيف ينبغي التعامل مع من قصر في حقنا أو أخطاء في حقنا؟؟
لأن البشر أصناف وطباعهم مختلفة
تكون ردة الأفعال مختلفة،
وخصوصًا من لا يفكر في عواقب الأمور، ولا يتذكر الله.
هناك من يقابل الأذى بالعفو، وهولاء هم أصحاب النفوس الكبيرة.
وهناك من يقابل الخطأ بالقطيعة،
وهناك من يقابل الخطأ بالانتقام.
الانتقام: معاقبة من صدر منه أذى أو تقصير بالمثل بل أكثر، وبعبارة أخرى:
أن تذيق غيرك من الشر ما يعادل ما أذاقك منه أو تزيد عليه.
صور الانتقام
انتقام لفظي مثل السخرية
أو الشتم فيسقطه من أعين الناس،
وانتقام فعلي فيضرب أو يتلف أشياء تخص ذلك الفرد بل قد يؤدي إلى القتل وغيره.
النقطة الجوهرية التي ينبغي أن يدركها كل من فكر بالانتقام أن الانتقام
سلوك غير عقلائي.
ولا شك أن الأمور غير العقلائية مرفوضة جملة وتفصيلًا، ولا تجملها المبررات.
ومن هنا نجد الشريعة المقدسة نهت عن الانتقام بقوة، والنصوص القرآنية والروائية في ذلك كثيرة.
يقول الإمام أميرالمؤمنين (ع):
(أقبح أفعال المقتدر الانتقام)
ولعل السر في شدة النهي لما للانتقام من أثار وخيمة على الفرد والمجتمع.
العرف والعقل والشرع والقانون قدموا لنا جملة من التعليمات نرد بها أذى الغير،
وعدم التقيد بهذه التعليمات له آثار سلبية.
والأمر الذي لا بد أن يدركه من لا يمتثل لتعاليم السماء والأعراف الصحيحة
والعقلاء في كل زمان ومكان أن المنتقم يضر نفسه قبل غيره، وهذا دليل عجزه
الخلاف لا يعالج بردة الأفعال الخاطئة وأنما يرد بالطرق العقلائية.
أمثلة للانتقام
ظاهرة الخُلع من بعض الزوجات
دون سبب وجيه، وظاهرة هجر الزوجة أو ضربها دون مبرر شرعي، وظاهرة حرمان بعض الأزواج للأم من أطفالها بعد الطلاق.
وظاهرة زرع الكراهية في ذهن الطفل بعد الطلاق، وظاهرة الضرب
أو السرقة.
وهذه ظواهر تضر بصاحبها بل والمجتمع كله.
حينما لا يحترم شرع الله ولا يحترم قانون ولا يهتم بالعرف العقلائي، تكون روح الانتقام هي المسيطرة على فكر صاحبها، وتحدث منه تصرفات ومعالجات لا يقبلها الشرع ولا القانون ولا العقل.
وأختم برواية جميلة عن أميرالمؤمنين عليه السلام: “سوء العقوبة من لؤم الظفر”.




