
أمير الصالح
في إحدى ليالي الشتاء الماطرة وفي جلسة تسامر مع بعض الأحبة من أفراد الأسرة، طرح أحد الحضور استبانة عن منشأ السعادة واشتمل حصرهم للمنشأ بالأمور التالية:
١- راحة القلب (القلب المطمئن)
٢-راحة العقل (القناعات الفكرية والمفاهيم الواضحة)
٣- راحة النفس (طنش تعش وتنتعش)
٤- توفر الصحة (العافية)
٥- وفرة المال والكرامة المالية (الثراء)
٦- حب الله و التعلق به
٧-وجود أسرة حاضنة وقلوب مملوءة بالحب من حولنا
الحوار
هذه الاستبانة حفزت كل شخص من الحضور بالتفاعل وأن يدلو بدلوه دون أي تحفظ لأنه بعيد عن أية نقاط تماس أو تشنج أو انحياز؛ وتبين لي وأنا أستمع للحوار أن هناك تداخل واضح للمفاهيم والتصورات والمفردات عند البعض منهم. والبعض لديه نوع من التداخل بين مفهوم السعادة وصور الترفيه والسعادة وكثرة المال والسعادة ونشوة الاستمتاع أو لذة تناول الطعام أو السعادة والهدوء/ الأمان أو السعادة والانعزال عن الناس/ الأمان أو السعادة وزينة الحياة الدنيا (المال والبنون).
تذكرت هنا جملة منسوبة لفيلسوف صيني هو لاو تزو، ومفادها: “راقب أفكارك، فإنها تُصبح كلماتك. راقب كلماتك، فإنها تُصبح أفعالك. راقب أفعالك، فإنها تُصبح عاداتك. راقب عاداتك، فإنها تُصبح سلوكك وشخصيتك. راقب شخصيتك، فإنها تُحدد مصيرك.”
أأبدأ بالعقل أم بالنفس أم بالقلب
غرس مفاهيم صحيحة وصحية ناضجة مبكرًا عند الإنسان والوصول إلى القناعة بعد بذل الجهود بالطرق السليمة أمر مهم جدًا جدًا لولوج عتبات عالم السعادة. إلا أن البعض يقول بأن ذلك يبدأ بالتربية السليمة وليس العقل حيث الأفكار والقناعات.
و يرى آخرون بأن السعادة تبدأ من راحة النفس. أي أن المنطلق هو النفس وراحة البال والشعور بالاطمئنان. وآخرون يؤمنون بأن القلب مصدر السعادة أو التعاسة! فمن يشغل قلبه بالحب والذكريات الطيبة والعطاء يعيش السعادة والعكس صحيح.
تبدا السعادة لكي تستمر
المال يكسبه أناس ولكنهم يصبحون بعد حين تعساء! والشهرة يكتسبها آخرون ولكن بعضهم بعد حين يكتئب! والصحة يكتسبها البعض ولكنهم يعيشون فراغًا عاطفيًّا واجتماعيًّا! إذن كيف تبدأ السعادة وكيف تستمر؟!
قال البعض، تستمر السعادة بتنقيح الأمور حسب متطلبات كل مرحلة من مراحل العمر أي أن ماهية السعادة ليس لها قوام وإنما تتشكل حسب المرحلة العمرية واحتياجاتها وإيفاء متطلباتها. ولذا صاحب العشرين سنة تتفاوت مفاهيم السعادة وسبلها لديه عمن هو في عمر الستين.
قالوا وقيل
السعادة الحقيقية لا تقاس بعدد الممتلكات التي يملها الفرد، بل بقدر درجة الاستمتاع بما أمتلك والإنسانية التي تعامل بها مع الناس وأدخل بها شعور السعادة لنفسه!
فقد قيل: لن نشعُر بالسعادة أبدًا، ما دامت الأشياء التي نؤمن بها تختلف عن الأشياء التي نقوم بعملها! وقيل: لن نشعُر بالسعادة أبدًا، ما دامت الأشياء التي نمتلكها لا نستمتع بها وننظر لما يملك الآخرون. وقيل: لن نشعُر بالسعادة الدائمة أبدًا في هذه الدنيا، ولكن نعيش لحظات سعيدة لأن الإنسان خُلق في كبد وخلق في دار الفناء ما دامت الأشياء التي نمتلكها لا تستمر كما هي، ولكن علينا أن نعيش اللحظة أطول مدة ممكنة ولا نقتل المتعة ونستنسخ التجارب الناجحة.
جُملة ملهمة
” منذ أن علمنا أن الجنّة خلقها الله لأحبابه، أدركنا أن كل مكان يجمع الأحباب هو الجنّة !” (جملة مقتبسة).




