أقلام

من أنتم

أمير الصالح

هل سمعت مثل هذه الجُمل:

“العبادات تنقسم إلة فقهية ومعاملاتية(سلوكية)، العبادات الفقهية هي علاقة تشخيص أحكام للعبادات مثل أحكام الصلاة، والصوم، والحج …. إلخ، والعبادات السلوكية هي المعاملات مع النفس والأسرة والمجتمع والآخرين والدولة وأصحاب الملل الأخرى والأطياف الفكرية المتعددة. الزهد مرتبة من مراتب السلوكرالحسن .”حتمًا إنك سمعتها ولكن راودك ويرادوك شك بل ويقين في صدق بعض من يرددها. لأنك رأيته لا يتورع عن البهتان والكيد للآخرين وإيذائهم وحتى التحريض بالاعتداء على حرماتهم من دم / مال / أعراض. أو إنك رأيت من يحدث المجتمع عن فضل الزهد في الدنيا وهو يركب أفخم سيارة ويقطن في أكبر منزل ويأكل ما طاب ولذ ويهرع لاستجابة دعوة الأغنياء ويصد عن حضور ولائم عامة الناس.

وقد يكون للشخص ذاته الذي استمع لواعظ حضور في أندية فكرية ومجتمعات عالمية في دول عربية وأجنبية، فسمع كلام مثل :” إطعام فقير جائع خير من تشييد ألف جامع “. وفي الوقت ذاته رأيت ذلك الشخص المتحدث بتلكم الجملة لا يتواني عن مجالسة الفساق وأهل الرذيلة؛ وليس لديه إلا المناكفة للجامع ورواد الجامع!! وأضحى واضحًا لديك أن ذلك المتحدث يحمل ضغائن ضد أهل القبلة، إسلاموفوبيا، ولا يعنيه فقير في أفريقيا ومعدم في آسيا ولا مشرد في أوربا، ولا ضحايا حروب في الشرق الأوسط ولا .. ولا .. .

الغريب أن الطرفين كليهما (ذاك المتحدث بالتقوى والزهد، وذاك المتحدث العلماني عن إطعام فقير) يدعيان أهمية السلوك الإنساني المحترم سواء زهد وتقوى أو إطعام جائع؛ ولكن واقع الأمر هناك حرب ضروس بينهما لأطاحة كل طرف للآخر والكيد له تحت مسميات وعناوين مختلفة.

السؤال: هل يستشعر الغيارى بحقائق الأمور وبوصلة الحقيقة ليتجنبوا ويتجنب المجتمع المبتلى، المزيد من التمزق والانقسام والتشرذم؟ وهل يتصدر أهل الفكر العملي والساعون على الحفاظ على كيان مجتمعاتهم بإطلاق مبادرات حوكمة وبكشف حقائق الأمور ووضع القاطرة على السكة الصحيحة؟

المؤسف أن كثير من الحوارات ببعض المجالس تُدار بطريقة: ما رأيك أنت؟! لاستنطاق ما في جعبة من يوجه له السؤال ومن ثم برمجة تصنيف انتمائه وأفكاره. ولذا أخذ معدل الاعتزال بين صفوف أهل البصيرة نحو جميع الأطراف المتماحكة لبعضها البعض في تزايد ملحوظ، فهل تمت الإجابة عن تساؤلات مثل: ماذا تريدون ومن تريدون أن تخدموا؟! ما برنامجكم الفكري والإيمانُي والاقتصادي؟! بل من أنتم؟!

المطلوب

البحث عن الأصدق قولًا وفعلًا وعملًا وتضحية، لأن الأقوال سهلة الصياغة ولكن الالتزام والانضباط بمثابة تمحيص للسلوك الأنجع. حتمًا ومن الواقع المعاش يصرف عدد كبير ممن يحبون أن يسموا أنفسهم متشرعين أوقاتهم في تعلم الأحكام الفقهية في الصلاة والصوم والحج، وعدد منهم ليس بالقليل يتهرب من أبسط آداب المعاملات (السلوك) مع زوجته وابنائه ووالديه وجيرانه ومجتمعه. وكذلك عدد ليس بالقليل ممن يدعون بأنهم علمانيين يسارعون للتشنيع بعد رصد هفوات الآخرين ولا سيما المتدينيين والكيد للآخرين والتقليل من آراءهم. ففي أي مجتمع يُشخص فيه عراك التيارات على المجتمع وفرز من يخدمه ويسعى لإنجاز مصالحة ويحصن هويته ويدفع الإيذاء عنه ويحصنه من براثن الوهم والوهن والكسل على أنه الأجدر بالتفاعل معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى