
أمير الصالح
” الذهب والفضة عملة الله، العملات الورقية عملة البشر ” ، كلمات رددها روبرت كياواسكي مؤلف كتاب (الأب الغني وتلأب الفقير) بعد كارثة ٢٠٠٨م (الرهن العقاري) والتسييل الكمي Quantitative لإنقاذ البنوك العالمية Bail out حيث أضحى كثير من أرباب الأسر حول العالم يشعرون بأن مقص الفقر يقترب من أذقانهم لتدني القوة الشرائية لديهم وضعف مردود استثماراتهم وتبخر جزء كبير من مدخراتهم، فقوة الأموال الورقية الشرائية آخذة في التآكل يومًا بعد يوم لأسباب عدة، منها: التضخم في أسعار السلع والتوترات الجيوسياسية المتسارعة والمستمرة والتقلبات الحادة في التحالفات الدولية وسوء توزيع الموارد والثروات، وتعدد بؤر التوتر وزيادة عدد فضائح الشركات المدرجة في الأسواق والمتلاعبة في قوائمها المالية وإشتعال حروب الرسوم الجمركية بين الدول الصناعية وانهيار عائد المواد الأولية الطبيعية للطاقة.
الذهب
لقد انهارت كل التحليلات السابقة باستقرار أسعار الذهب. بعد عام ٢٠٢٤م، وتبعتها حاليًا تحليلات تنبوء بأن سعر الأونصة من الذهب ستخترق صعودًا ٥٠٠٠ دولار أمريكي. في مقابل كل من كان يبشر ويعطي نصائح ويبيع توصيات بضرورة الصبر على الاستثمار في الأوراق المالية (الأسهم) لمدد لا تقل عن خمس أو عشر سنوات شبه مختفين !!! روج وما يزال يروج عدد كبير من المتحدثين بالأمور المالية بأن الذهب و المعادن النفيسة ليست أداة استثمار وإنما ملجأ آمن يحمي المستثمر من تقلب سعر صرف العملة، ولكن أثبتت الأيام أن الذهب هو العملة الحقيقية وليست الأوراق البنكية. لا بل تحسر وندم عدد كبير من المغتربين في أرجاء المعمورة من عدم اكتناز أموالهم في الذهب والمعادن النفيسة، فمغريات نسب العوائد بالبنوك تآكلت بسبب هبوط صرف عملاتهم الوطنية وصعود سعر الذهب والتضخم. فلك أن تتخيل شعور مغترب آسيوي في دول مختلفة رجع لبلاده بعد عناء عشرات السنبن ليرى مدخراته وودائعه النقدية بالبنوك هبطت قوتها لما هو أقل من النصف أو آكثر.
هل بقي مجال للمناورة؟
يشعر الكثير ممن صنُفوا بأنهم من الطبقة الاجتماعية المتوسطة المحافظة حول العالم ممن ادخروا حصيلة أعمارهم على شكل مبالغ من المال وأودعوها كودائع نقدية بالبنوك بعائد متدنٍّ، وبأنه تم الضحك عليهم؛ بل وتم توريطهم في ورطة يشوبها الندم والتحسر، لأن نسبة عائد ودائعهم أدنى من نسب التضخم المعلنة. فضلًا عن فوات فرص هائلة عليهم في قطاع العقار والأعمال والزراعة والصناعة، بل أخذ أولئك المدخرون للأوراق المالية يتحسسون بأنهم لم يعودوا بالمستوى نفسه من التصنيف المعيشي وأن موس حلاقة السقوط لطبقة اجتماعية أدنى قد قرب أجله إن لم يتداركوا ما بقي منه.
والبعض ممن ذهب واستثمر بسوق الأسهم الدولي أو المحلي في بعض الدول يستشعر بالخطر الدائم والمحدق لأن التذبذب الحاد بأسعار بعض الأسهم ولد ويولد بقرار خاطف دون أية مؤشرات سابقة، وقد يرد القرار من مناطق عبر المحيطات بصورة حروب أو حجب من منظومة أو غيره من الأسباب، والمثال الأشد وضحوحًا هو حرب ارتفاع الرسوم الجمركية عبر القارات بين النسر الأقرع والباندا الأصفر. فهناك من خسر خسرانًا مبينًا وهم الغالبية، وهناك من ربح ربحًا فاحشًا وهم الأقل !! فهل فكرت يومًا من هم المستفيدين الحقيقيين من هكذ أحداث وكم نسبتهم من البشر؟!
ما القرارات المفصلية القاتلة؟
حتمًا المصداقية لوكالات الأنباء العالمية ووكالات الأنباء الموجهة آخذة بالانكماش عند عدد ليس بالقليل من الناس، وعليه يجب تنبيه الآخرين بالدروس والعبر لتلافي الفخاخ نفسها أو ما يشابهها. ما روج له البعض عبر قرون أضحى شبه خدعة وأفيون للناس. فكان الوضع العالمي يقول أن هناك أخبارًا استهلاكية للإلهاء وأخبار حقيقية يتداولها النخب، فترى في الزمن الذي تعج الأخبار بوقوع حروب متناثرة وقرب اندلاع حرب عالمية نووية ثالثة، تسمع عن استحواذات على شركات وصفقات تجارية مليارية!!!
الاستثمار في عناصر الإنتاج
المصانع والتصنيع والابتكار والتطوير المستمر والزراعة وإدارة سلاسل الإنتاج رُكز رئيسة نقلت اليابان سابقًا، وكوريا الجنوبية لاحقًا، والصين حاليًا من الفقر إلى الثراء. ولعل الأمل معقود الآن مع وجود توجهات في أقطار عدة لإنعاش قطاعات الإنتاج وتسهيل الإجراءات.
مغرد اقتصادي
قال مغرد اقتصادي أجنبي يعمل مديرًا بأحد الصناديق الاسثمارية في بنك أجنبى عالمي عن بوصلة الاستثمار الحالية: انظروا للرجل ذو الشعر الاصفر ماذا يقول؛ فإنه يغالط السوق ويصنع ثروة له ولأحبائه. وقال: دعوا عنكم التحليلات الكمية وغير الكمية فإن الأعمال الجيوسياسية هي الأقوى حاليًا وليس العرض والطلب. العرض والطلب يكون فاعلًا عند عدم وجود تدخلات انحيازية تفضيلية من البشر، وعند وجود شفافية وحماية للمعلومات.
هل يُعقل أن نترك ونهمل ونغفل كل ما تعلمناه في الاقتصاد ونتابع تصريحات شخص واحد أو بنك عالمي واحد؟!




