لقاءات صحفية

العربية في زمن الإعلام والذكاء الاصطناعي

دلال الطريفي : الأحساء

في ظلّ التحوّلات المتسارعة التي يشهدها العالم، وما تفرضه العولمة والتقنية الحديثة من تحدّيات على اللغات والهويّات، تبقى اللّغة العربيّة في صدارة الأسئلة الثقافيّة والفكريّة. صحيفة بشائر تفتح هذا الملف مع الدكتور ماجد أعرج، الحاصل على الدكتوراه في علوم اللّغة العربيّة، في حوارٍ يتتبّع مسيرته العلميّة، ويقف عند واقع العربيّة في الإعلام والتعليم، ويستشرف مستقبلها بين التحدّيات والفرص، مؤكّدًا أنّ العربيّة ليست مجرّد لغة، بل وعاء حضارة، وركيزة هويّة، وذاكرة أمّة.

1. دكتور ماجد، كيف بدأت رحلتكم الأكاديميّة في علوم اللّغة العربيّة؟

منذ الصغر كنت أتعلّم قراءة القرآن الكريم في الكتاتيب، فاستقام لساني، وبدأت أتذوّق العربيّة، وأقيم وزنًا لبلغائها وفصحائها، واستمرّ الأمر حتّى تخرّجت في الثانويّة القسم العلميّ، ومع ذلك دخلت كلّيّة الآداب قسم اللّغة العربيّة، ثمّ تابعت الدراسات العليا في قسم اللغويّات بجامعة حلب، ثمّ انخرطت في التدريس والتدريب إلى يومنا هذا.

2. كيف تقيّمون واقع اللّغة العربيّة في الإعلام اليوم؟

الذين يلتزمون اللّغة العربيّة الفصيحة قليلون، لذلك يحصد الثناءَ من يتقنها، وهذا – من المفروض- ليس مدعاة للثناء، لأنّه من أساسيّات العمل الإعلاميّ، ولكن الشعور بالمشكلة بداية الحلّ إن شاء الله.

3. هل تواجه العربيّة تهديدًا حقيقيًا في ظلّ العولمة؟

هي تواجه تحدّيات، أكثر من التهديدات، فمن هذا التحدّيات أنّ أبناء العربيّة للأسف الشديد مستهلكون للمعرفة، وليسوا منتجين لها، ولا أرى تهديدًا مقلقًا وذلك لوجود القرآن الكريم.

4. ما أبرز تحدّيات تعليم اللّغة العربيّة للناطقين بها؟

عزوف أبنائها عن تعلّمها إلى درجة الإتقان، فمتطلّبات سوق العمل لا تقيم وزنًا للعربيّة، ولا تشترطها أبدًا.

إضافة إلى تراجع دور أبنائها في مجال الأعمال والصناعة والتجارة والمعارف والعلوم والتكنولوجيا.

فما عادت تفرض نفسها كما كانت في العصر العبّاسيّ مثلًا. ناهيك عن الطرائق التقليديّة في تعليمها، وضعف كثير من معلّميها.

5. هل أسهمت وسائل التواصل الاجتماعيّ في إضعاف اللّغة أم تطويرها؟

الدور الأكبر كان في إضعافها، حيث ولج المجال كلّ من هبّ ودبّ، وشرع في الكتابة والتعليق وربّما التأليف، وهو لا يمتلك أدنى المقوّمات، بل يفتقد الأساسيّات، وقلّة من امتلك ناصيتها فكتب ونشر وأفاد وأجاد.

6. ما العلاقة بين اللّغة العربيّة والهويّة الثقافيّة؟

اللّغة العربيّة أساس الهويّة الثقافيّة لنا، فلا تنهض أمّة إلّا إذا اهتمّ أبناؤها بلغتهم، ففي العصر الأمويّ كانت الدولة عربيّة خالصة، حتّى عرّبت الدواوين وصكّت العملة العربيّة، واستمرّ الأمر على ما هو عليه في العصر العبّاسيّ، حيث تعلّم العربيّة المفكرون والأدباء الأعاجم، وأصبحت العربيّة مظهرًا من مظاهر التفاخر عند الأعاجم، فساهموا في رسم الهويّة الثقافيّة.

7. كيف يمكن للتقنية الحديثة والذكاء الاصطناعيّ خدمة العربيّة؟

إن امتلكنا العلم ظهرت سطوة اللّغة العربيّة وسيطرتها، وعندها تصبح التقنية الحديثة والذكاء الاصطناعيّ خدمًا للعربيّة، فعلينا ألّا نتوقّع من الآخرين خدمة لغتنا إن لم نفعل نحن أبناءها ذلك.

8. ما أهمّ القضايا اللغويّة التي تحتاج إلى بحث اليوم؟

تنقية المعاجم العربيّة من الغريب والمستوحش وعدم المستخدم.

وقضية شيوع اللحن عند غالبية العرب، والتعريب للمصطلحات الحديثة.

9. كيف ترون مستقبل اللّغة العربيّة؟

لديّ أمل كبير في استعادة العربيّة مكانتها، ولكن علينا عدم الاستعجال وعدم الاستسلام.

10. ما رسالتكم للجيل الجديد تجاه لغته الأمّ؟

حين تنطق العربيّة… ينحني التاريخ احترامًا.

وحين يُذكَر حرفُ الضاد، تُستَحضَرُ لغةٌ اصطفاها الله لكتابه، وحملها العلماء عبر القرون لتكون لسان العلم، وروح الحضارة، وجمال المعنى، فعليكم يا شباب اليوم ورجال الغد وقادة المستقبل أن تتقنوها كي نعيد أمجاد الماضي التليد، ونصنع مستقبلًا مبهرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى