أقلام

ملتقى الدرعية الدولي: الأحساء أنموذج حضاري متكامل 

زكي الجوهر

شهدت الدرعية انعقاد ملتقى الدرعية الدولي، أحد أبرز الفعاليات الفكرية والثقافية التي تُعنى بتاريخ الإنسان والحضارة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والمختصين في مجالات التاريخ، والأنثروبولوجيا، والآثار، والتنمية المستدامة. ويأتي الملتقى في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى إعادة قراءة تاريخ الجزيرة العربية من منظور علمي شامل، يُبرز عمقها الحضاري والإنساني ودورها المؤثر في مسيرة الحضارة الإنسانية.

وضمن برنامج الملتقى، قدّم الدكتور عبداللطيف بن محمد المغلوث، الباحث في تاريخ الإنسان والحضارة، ورئيس اللجنة الوطنية للخدمات السياحية باتحاد الغرف السعودية، محاضرة علمية لاقت تفاعلًا واسعًا من الحضور، تناول فيها مفهوم الواحات بوصفها منظومات حضارية متكاملة، وليس مجرد تجمعات زراعية في بيئات صحراوية.

وأكد الدكتور المغلوث أن النظرة السائدة التي تختزل الجزيرة العربية في بعدها الصحراوي تُغفل تاريخًا إنسانيًا عميقًا يمتد لآلاف السنين، مشيرًا إلى أن الواحات كانت مراكز للاستقرار البشري، والتفاعل الاجتماعي، والتبادل الاقتصادي والثقافي، وأسهمت في تطوير أنماط معيشية مستدامة سبقت كثيرًا من المفاهيم الحديثة في إدارة الموارد.

وتوقّف في محاضرته عند واحة الأحساء بوصفها أنموذجًا فريدًا، موضحًا أنها ليست مجرد واحة، بل منظومة حضارية متكاملة تشكّلت عبر تفاعل الإنسان مع الماء والزراعة والمكان، ما يجعلها مختبرًا أنثروبولوجيًا جديرًا بالدراسة والتطوير، ومثالًا حيًا على الاستدامة في البيئات الجافة.

كما شدّد على أهمية توظيف هذا الإرث الحضاري في صياغة سياسات تنموية وسياحية مستدامة، تُراعي الخصوصية البيئية والثقافية للواحات السعودية والعربية، وتسهم في حفظها وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي العالمي.

ويأتي ملتقى الدرعية الدولي ليؤكد مكانة الدرعية بوصفها منصة للحوار الحضاري والفكري، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر، ويعزز الوعي بأهمية التاريخ الإنساني للجزيرة العربية، باعتباره ركيزة رئيسة لفهم الحاضر وصناعة المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى