أقلام

ظاهرة الأناشيد الفلكلورية في المناسبات الدينية والاجتماعية بين الشرع و العقل

أحمد الطويل

في الآونة الأخيرة، انتشرت ظاهرة الأناشيد العراقية والفلكلورات الشعبية في مناسبات الأعراس واحتفالات مواليد أهل البيت عليهم السلام. وعلى الرغم من أن بعض الناس يبررون ذلك بأنها مجرد أناشيد تعبيرية، إلا أن حقيقة الأمر أنها لا تختلف في لحنها وأدائها عن الأغاني المحرمة شرعًا، وهو ما يثير القلق من الناحية الدينية والأخلاقية.

حكم الغناء في الشريعة الإسلامية

من منظور الشريعة الإسلامية، الغناء الذي يكون باللهو والطرب محرم، وخاصة إذا كان بصوت ولحن يشابه الأغاني المعروفة في أماكن الفسق واللهو. وقد أكد الفقهاء الإمامية، استنادًا إلى القرآن الكريم وروايات أهل البيت عليهم السلام، على تحريم هذا النوع من الغناء، حتى لو كان محتواه دينيًا.

أدلة من القرآن الكريم

قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (لقمان: 6). فسر بعض مفسري الشيعة، مثل الشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي، أن “لهو الحديث” يشمل الغناء والموسيقى المحرمة لأنها تصد عن ذكر الله. و قال تعالى: وَٱلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا۟ بِٱللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (الفرقان: 72). فسر الإمام الصادق عليه السلام أن الزور يشمل الغناء، كما ورد في بعض الروايات.

روايات أهل البيت عليهم السلام

عن الإمام الصادق عليه السلام، “بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخله الملك.” أي أن البيت الذي تعلو فيه أصوات الغناء والطرب، يكون معرضًا للبلاء، ولا يُستجاب فيه الدعاء. و ورد عن الإمام علي عليه السلام، “كل ما ألهى عن ذكر الله فهو من المزامير.” وهذا يشمل الأناشيد التي تُؤدى بألحان الأغاني الدنيوية. و قال الإمام الرضا عليه السلام، “الغناء يورث النفاق.” أي أنه يُضعف الإيمان ويجعل الإنسان أقرب إلى اللهو والبعد عن طريق الله.

دليل عقلي على تحريم الغناء

الاحتفال بالزواج أو بمولد أهل البيت عليهم السلام يجب أن يكون فرصة للتقرب إلى الله ونشر تعاليمهم، وليس مناسبة لإدخال أساليب اللهو والمجون بطريقة غير مباشرة. استخدام الأناشيد ذات الألحان الغنائية يمهد لقبول الغناء المحرم بين الناس، مما يؤدي إلى تطبيع الحرام وجعله أمرًا مألوفًا.

القدوة الصالحة للأبناء

عندما يرى الأبناء أن بناء عش الزوجية و الاحتفالات الدينية تُملأ بالأناشيد التي لا تختلف عن الأغاني، فإنهم سيفقدون الحساسية تجاه المحرمات وسيميلون إلى سماع الغناء المحرم دون تمييز.

البديل الشرعي والنافع

من يريد إحياء مناسبات الأفراح الإسلامية بأسلوب شرعي، يمكنه الاستعاضة بالمدائح والقصائد التي تُلقى بأسلوب خالٍ من الطرب. و استخدام الأناشيد التي تحافظ على الوقار ولا تدخل في دائرة الألحان الغنائية المحرمة.

أيضا التركيز على نشر علوم أهل البيت عليهم السلام عبر محاضرات ودروس قصيرة في المناسبات.

إن التقوى تقتضي أن نحرص على عدم تزيين الحرام تحت مسمى الفلكلور أو الأناشيد، وعلينا أن نلتزم بتعاليم الإسلام الصافية كما أرادها أهل البيت عليهم السلام. نسأل الله أن يهدينا وإياكم لما فيه الخير والصلاح، وأن يجعل أفراحنا وسيلة للتقرب إليه، لا وسيلة للهو والغفلة.

العبادة الحقيقية تكون وفق ما أمر الله به، لا وفق الهوى أو الابتداع. قال الله تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ (الشورى: 21). و كذلك قول الإمام الصادق عليه السلام: “إن الله يُعبد بما يريد، لا بما تريدون.” (الكافي، ج1، ص50).

إذن العبادة لا تكون صحيحة إلا إذا كانت وفق ما أمر الله به، لا وفق البدع أو الاجتهاد الشخصي غير المستند إلى الدليل الشرعي.

مجرد وجهة نظر

هناك بعض المرجعيات

تشدد على نوع الغناء والموسيقى ويجعلها كلها محل إشكال والبعض منهم ينظر من منظور الهدف منها، و مستوى الكلمات الملقات و نوع الألآت المستخدمة. لكن في الآونة الأخيرة أصبحت هذه الحالة من الأمور الشبه رسمية في أغلب المناسبات بحجة انها مواليد لأهل البيت وهي لا تمت للمولد بصلة طابعها طابع أغاني و لهو للحديث.

و الحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى