أقلام

معــذور

 

أحمد الهبدان

لا يخلو أي إنسان من الخطأ، قائمة طويلة وعريضة من الأخطاء اليومية التي يرتكبها البشر فيما بينهم، وأسباب ودوافع تلك الأخطاء متعددة ومتنوعة، ولا أحد معصوم منها إلا أصحاب العصمة فقط وفقط، وكما ورد في الحديث “كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ”.

وإذا كنا جميعاً معرضون جزماً للأخطاء، فمن الجميل أن يكون الصفح والتسامح سيد الموقف بيننا إذا اعتذر من أخطأ في حقنا، ولنا في الأنبياء والأولياء أسوة وقدوة حسنة.

القرآن الكريم يورد الكثير من القصص ويضرب العديد من الأمثلة والمواقف، التي حدثت مع الأنبياء والرسل، وكم هائل من الأخطاء التي ارتكبت في حقهم.

فـ قصة نبي الله يوسف (ع) التي ذكرت في القرآن الكريم، وبسبب خطأ إخوته في حقه وحسدهم له، أدت به إلى المعاناة والظلم والسجن والتعذيب.

فنعدما نتتبع هذه القصة من البداية، نجد أن إخوة يوسف(ع) قد أخطأوا في حق أبيهم يعقوب (ع) ﴿إِذ قالوا لَيوسُفُ وَأَخوهُ أَحَبُّ إِلى أَبينا مِنّا وَنَحنُ عُصبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفي ضَلالٍ مُبينٍ﴾، أخطأوا عليه ووصوفوه بأنه في ضلال مبين، رغم علمهم بأنه نبي؛ بسبب حبه ليوسف (ع)، دافع الحسد والحقد جعلهم يرتكبون الخطأ تلو الخطأ، حتى خططوا للتخلص منه بقتله ورميه في البئر، ويتكرر منهم الخطأ بالكذب على أبيهم، ﴿قالوا يا أَبانا إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ وَتَرَكنا يوسُفَ عِندَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئبُ وَما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا وَلَو كُنّا صادِقينَ﴾﴿وَجاءوا عَلى قَميصِهِ بِدَمٍ كَذِب﴾.

وتشاء الأقدار أن يعيش هذا النبي الكريم بعيداً عن أبيه، ويلاقي أصنافاً وأشكالاً من الابتلاءات في غربته، بدأت مع إخوته مروراً بامرأة العزيز والكهنة ومع أهل مصر، وما كان أن يمر بتلك الأحداث، لولا خطأ إخوته بحقه، لما مر بالمعاناة التي حدثت له، ولكن الله يقدر مايشاء ويفعل.

وخلاصة القول رغم أخطاء أبناء نبي الله يعقوب (ع) المتكررة، إلا أنه قبل منهم الاعتذار، عندما أقروا بخطأهم، وطلبوا منه أن يستغفر لهم، ﴿قالوا يا أَبانَا استَغفِر لَنا ذُنوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئينَ﴾﴿قالَ سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبّي إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ﴾.

وفي هذا درس لنا ورسالة، بأن نجعل صفحة الاعتذار مفتوحة، لمن أخطأ في حقنا وجاءنا معتذراً أن نقبل منه العذر ونصفح عنه، «وَالعُذْرُ عِنْدَ كِرَامِ النَّاسِ مَقْبُولُ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى