أقلام

ورطة سفر!- العاشرة

صادق العليو
في حلقتنا هذه سنرحل معكم برحلة و ورطة جديدة وتجربة نرجو ان تكون مثيرة وممتعة لمتابعين حلقاتنا ورطة سفر ! ، نرحل هذه المرة الى جزيرة مينديناو وهي من اكبر جزر ارخبيل الفلبين جنوبا وبها الكثير من المناظر والمدن المبهرة والرائعة وايضا بسبب خلافات عرقية وسياسية حالت دون تطوير اغلب هذه المناطق في تلك الحقبة ، وكانت وجهتنا هي الوصول الى قرية صغيرة تشتهر في وجود مصانع بدائية لصناعة السبائك المعدنية والتي تستخدم في تصنيع الألمنيوم والحديد وصناعة تحويلية اخرى ، ولأن المواد الخام والعمالة رخيصة جدا ومتوفره في هذه البقعة من العالم ، وكان يفترض ان نزور مجموعة من هذه المصانع وأيضا نقابل بعض الفنيين منهم بغرض توظيفهم وإستقدامهم للعمل بالملكة ، وللوصول الى هذه المنطقة كان يجب ان تحط طائرتنا في مطار مدينة إيليجان شمال هذه الجزيرة والمطار عبارة عن أخدود بين الجبال الكثيفة والغابات ومنظره من على الجو خرافي والنزول له أشبة مايكون السقوط من هاوية على ارض زراعية بين الجبال ، عدا العوامل الجوية التي لاتخلوا من جميع المخوفات والارتجاجات من مطبات هوائية وبرق وامطار ورياح وهلمجرا ،،، المهم أن تصل الى هذه الجزيرة شي مثير ولكن أن تهبط بمطارها فهو شي مريب بل مرعب في كل الأحوال وهنا بدئت ورطتنا في هذه الرحلة العجيبة.

عندما هبطنا في الطائرة والتي ماخلت شي فينا راكد واصبحنا من الداخل كالميلك شيك من كثر مارجتنا ، وقد استجمعنا مابقي من قوانا المنهكة ونرلنا من سلمها الذي ذكرنا بسلم طائرة أم حديجان ايام زمان أنصدمنا للأجواء الخريفية الجميلة والرائعة مع زخات المطر فقد كان الجو والمنظر حولنا مريح للأعصاب بشكل يجعلك ترغب بالنوم على اول كرسي تلقاه شاغرا،،، دخلنا المطار وعند بوابته الداخلية كان في استقبالنا وفدا يقرأ الأهازيج والترانيم بلغتهم والناس تسلم علينا وتحيينا طابور طويل ونحن نسلم ونتلفت ان كان هناك سبب لهذا التجمع والترحاب ، وفي نهاية الطابور البسونا اكاليل من الورد الطبيعي ونحن مبسوطين مبتهجين فلم نعلم دواعي هذا الكرم والترحيب الغريب ، وبعد ان التقطنا حقائبنا وذهبنا لشكر من استقبلونا أتضح لنا أن هناك إلتباس غير مقصود وأننا كنا ضمن وفد من الحجاج الفلبينيين القادمين من الحج واغلب من في الطائرة هم حجاج ونحن كنا وسطهم فتم تحيتنا والترحيب بنا على غرارهم رغم انه لاناقة لنا ولاجمل في هذه الحملة بتاتا ولكنا تمنينا لو اكملوا صنيعهم بإيصالنا الى حيث قريتنا وكسبوا فينا الثواب ولكنهم قرروا بدل ذلك اعطائنا الورد وتركنا عند الباب.

كان لابد من تأجير سيارة لأيصالنا لفندقنا سريعا لأن قوانا بدئت تنهار ولكن المبلغ مبالغ فيه قليلا ولإننا مضطرين وافقنا بدون جدال ظنا منا ان المسافة قريبة وقبل الظهرية نرتاح على سريرنا وناخذ غفوية ، ولكن اتضح ان قريتنا تبعد عن المطار مايقارب خمسة ساعات قيادة في شوارع وطرق شبة صغيره ولايمكن السرعة والمجازفة بها وبالرغم من روعة وجمال الطبيعة حولنا ولكنا في تلك الظروف كنا نفضل جمال البطانية والمخدة فعيوننا لم تكن تبصر بوضوح من كثر النعاس ورغبة النوم ،،، بس ماكان باليد حيلة ومحاولة الغفوة بالسيارة لم تكن فكرة حلوة أو مريحة رغم تبادلنا كل الأوضاع حتى صرنا ندور ونتلوى من محاولات التسطح من كثر التعب ولكن اقصى حد للخدار كان 10 دقائق ثم نفز من أثر مطب او بريك السيارة المشاكس ، وماصدقنا نوصل إلا وعظامتنا متفرقة داخل اجسامنا وبحاجة لإعادة تنظيم فلم نستطيع القيام إلا ونحن منحنين الظهر كالمصابين وخطواتنا تتشابك وتسمع لها ونين ، حتى الشنط من التعب رغبنا ان ننساها بالسيارة المرعبة ولكن لابد من حمل هذي المصيبة .

وصلنا في الأخير الى فندقنا الخطير وكان افضل فندق بالقرية حسب ادعاء مرشدنا المحتال فمنذ دخولنا بهو الفندق تفاجأنا بأنه أشبه بمحل حلاق من كراسية الجلدية المخرمة والصراصير والنمل تلعب تصفيات في جوانب جدرانه المفطرة ، وحتى طاولة الأستقبال ( الكاونتر ) نفترض أنها كانت لجزار انتهى من خدماتها من كثر الشموخ والتزلقات التي تحويها ، وكنت ارغب في شق رأس المرشد بشي صلب إلا أنني أستعذت من الشيطان والذي لا أعتقد يرغب السكن معانا بهذا المكان ، لقد عاتبته على سوء الأختيار ولكنه أوضح بأن اصرارنا للسفر لهذه القرية حتى نقابل الفنيين في بيئتهم وعلى الطبيعة وللحصول على فرص أفضل من إنتظارهم للمجىء للعاصمة ولأن الكثير منهم ربما لايملكون حق تذاكر السفر وربما المصاريف الكافية فتضيع فرصتهم للحضور والتوظيف ، فكان تطبيق هذه الفكرة الجهنمية يستلزم التضحية وهذه القرية لاتعرف الكثير من التطور كما في المدن الأخرى وكل مافيها 3 فنادق هذا أفضلها لوجود قاعة ممكن استخدامها للمقابلات ، ولذلك كان علينا ان ننطم ونبلع اعتراضاتنا بهدوء ، ونتعايش مع الوضع الغريب فهذا الفندق ليس من ذوي النجوم ولايجب ان نقلق على الراحة والخصوصية ، فيادوب تقفل عليك الباب حتى تعود بك الذكريات لمسلسل درب الزلق وتفاصيل البيوت الطينية الشعبية حينها وماتخلتف كثيرا عن هذا الفندق الكئيب .

طبعا نمنا من التعب والأجهاد وإذكر ان جسمي بقي على وضعة بالسرير حتى صباح اليوم التالي وكأني جهاز قد فصل عنه الكهرباء ، وعندما صحصحت واردت القيام سمعت عظامي تتصارع بالأصوات مابين خذ وهات حتى وصلت الحمام ولأنني لم أدخله حتى هذه اللحظة ، كان أشبه بحمامات ايام التسخين بالكاز الجماعية وبدون بانيو وله ستاره مخزقة بلاستيك يقف عليها طابور من النمل ما أعرف ليش بس الظاهر يرغبون بالأستحمام معي وينتظرون سكب الماء ،، انا يادوب دبرت اموري ونزلت استجدي اي منظر مقبول لكي اغير به مزاجي المتعكر وأسترد به نفسيتي المنهارة فمنذ وصولنا ليلا بالسيارة بعد أن قطعنا المسافات البعيدة والساعات الطويلة صار الواحد خلقه ضيق ويتسبب يبي يسوي اي مشكله يمكن علشان يرجع بسرعة ومايطول في هذه القرية المهملة ،،، وفعلا صار بعد ذلك وقفات بعضها غريب ولكننا نسردها في الحلقة القادمة إن شاء الله فقد انتهى وقتنا وإنتظرونا بسلام.!!!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا بسبب اصراركم على مقابلت العماله التي تريدون جلبها للعمل وحرصكم الزائد على انجاز هدفكم والرجوع بأسرع وقت الى بلادكم وكان بالأمكان المبيت ليوم او يومين للراحه ثم البدأ بالبحث والتقصي للعماله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى