أقلام

محمد الغنام (أبو طالب) وطلائع العمل الرسالي

جاسم المشرّف

هناك من يأخذك بتواضعه ومبادراته المتلاحقه إلى العمل لا العامل، إلى العطاء لا المعطي، إلى ثمرة الكفاح لا المكافح ذاته
وثمة فرق بين من يوظف ذاته لبلورة الرسالة وظهورها، وبين من يوظف الرسالة لبلورة ذاته.

لقد استغرق أبوطالب في بعض المراحل الحساسة في عطائه الرسالي إلى بذل كل وقته وجهده وماله، منصرفا عن الكثير من اهتماماته الشخصية والأسرية، ومنطلقا بحماسة الإيمان ويقين التوكل على الله لا يلوي على أحد.

محمد الغنام الشقاق المعروف ب (أبي طالب)هذه العلامة البارزة بين رجال الرميلة الشرفاء، ورجال الأحساء الاوفياء، ذلك الكيان المملوء شهامة ورجولة وثقافة ووعيا واعتدالا وكرما.

عرفت هذا المؤمن الواعي منذ أكثر من خمس وثلاثين عاما وقد استفدت من مجالسته ومحاورته ومكتبته أيما استفادة

دمث في أخلاقه، كريم في عطائه، محبا للعلماء، ساعيا في حوائجهم، غيورا على الحق، جميل المعشر، لطيف المخبر، ينبض مجلسه وعيا وثقافة ورحمة وأنسا.

كان من الرعيل الأول الذي أسسوا للواقع الجديد في مرحلة الثمانينات، ذلك الواقع القائم على تنامي الحالة الدينية والوعي الثقافي، وإعادة تشكيل أنماط جديدة من السلوك الاجتماعي الديني.

تصدى مع نخبة خيرة من المؤمنين للعديد من السلوكيات التي لا تتناسب وطبيعة مجتمعه الولائي المتدين، واستطاع وإياهم أن يغيروا في صور احتفالات الأزواج، وغيرها من الممارسات غير الواعية. كما ساهم في التأسيس للاحتفالات الدينية والأماسي الأدبية وأشرف على الكثير منها.

وكان من أهم المؤسسين والداعمين لمنتدى الرملية الأدبي، ومن أبرز المشجعين لطلائع العمل الاجتماعي والثقافي والرسالي داخل الرميلة وخارجها بروح أخوية وأبوية حانية.

مكتبته التي لم تتوقف عن النمو منذ بواكيرها الأولى عامرة بالكتب القيمة، والنادرة، وشغفه الدؤوب للثقافة وفي استكناه التاريخ واستنطاقه، وبالخصوص تاريخ الأحساء جعله من المصادر المهمة والفريدة في معرفة تلك القرى والمناطق المندثرة من الأحساء العريقة، وكم تمنيت استمرار تلك الحورات الثرية التي أجراها الأستاذ حسين الجعفر معه في هذا الصدد.

كافح أبوطالب في سبيل الحياة الكريمة لأسرته، ولأهل خاصته، وجود عطائه أكبر من أن ينكر، فقد كان من المتحاملين على أنفسهم في سبيل قضاء حوائج المحتاجين أو تفريج كرب المكروبين، ومن الذين بذلوا جاههم في هذا السبيل.

صبورا حد التنكر لذاته وإن غلبته الكآبة والتي تبدو -أحيانا- على محياه لمن يحسن التفرس في ملامحه.

وفي الزمن الصعب تشع جواهر الرجال وقد لازم أبوطالب سماحة المحقق الشيخ حسين الراضي(فرج الله عنه) حين عودته إلى وطنه ملازمة الظل للظل، وبذل أقصى مجهوده في خدمته، رغم قسوة الظروف.

كما كافح في الدفاع عن حركة الوعي كفاحا كلفه الكثير من العناء والذي خسر معه راحة البال وسكينة النفس مع بعض من ضاق بهم الأفق واستبدلوا الوحدة بالتفرق والمودة بالشحناء باسم الغيرة على الدين الذي نسفوا صميم مقاصده بضيق أفقهم وحدتهم، وتعصب بعضهم.

إنه ليوجعني جهل قدر هذا الرجل وأمثاله، وتجاهل دوره ومكانته من بعض أبناء جلدته أكثر من فقده، فقد وفد على رب كريم سيوفيه حسابه ويجزل أجره (إن الله لا يضيع عمل عامل)

رحمك الله يا أبا طالب رحمة الأبرار وحشرك في زمرة محمد وآله الأطهار صلوات الله اجمعين

(إنا لله وإنا إليه راجعون)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى